الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #

صفحة 180 - الجزء 1

  اختلفت فيه أنا ومعاوية: إما كان حقّا لي تركته لمعاوية، إرادة صلاح هذه الأمة، وحقن دمائهم، أو يكون حقا كان لامرئ أحقّ به مني ففعلت ذلك. وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.

  وروى بالإسناد إلى ابن عون عن أنس قال - يعني ابن سيرين -: قال الحسن ابن علي @ يوم كلّم معاوية: ما بين جابرس وجابلق رجل جده نبيّ غيري، وإني رأيت أن أصلح بين أمة محمد ÷ وكنت أحقهم بذلك، ألا وإنا قد بايعنا معاوية، وما أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.

  ولمّا استقر الصلح بين الحسن بن علي @ ومعاوية على ما تقدم وأن يكون الأمر بعده للحسن # غرة شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، لامه جماعة من أصحابه على ذلك.

  فروينا عن عمارة بن ربيعة قال: قال الحسين للحسن @: أجاد أنت فيما أرى من موادعة معاوية؟ قال: نعم. قال: إنا لله وإنا إليه راجعون ثلاثا، ثم قال: لو لم تكن إلّا في ألف رجل لكان ينبغي لنا أن نقاتل عن حقنا حتى ندركه أو نموت وقد أعذرنا. فقال الحسن: وكيف لنا بألف رجل مسلمين! إني أذكّرك الله يا أخي أن تفسد عليّ ما أريد، أو تردّ عليّ أمري، فوالله ما آلوك ونفسي وأمة محمد خيرا، إنك ترى ما أقاسي من الناس، وما كان يقاسي منهم أبوك من قبلنا حتى كان يرغب إلى الله في فراقهم كل صباح ومساء، ثم قد ترى ما صنعوا بي، فبهؤلاء ترجو أن ندرك حقنا! أنا اليوم يا أخي في سعة وعذر حيث قبض نبينا، قال: فكفّ الحسين وسكت.

  وروينا بالإسناد عن سفيان بن الليل قال: دخلت على الحسن بن علي فقلت: السلام عليك يا مذل رقاب المسلمين، أنت والله بأبي وأمي أذللت رقابنا حين سلّمت الأمر إلى معاوية اللعين ابن اللعين، ابن آكلة الأكباد، ومعك مائة ألف كلهم يموتون دونك، فقال: يا سفيان بن الليل، إني سمعت