[مقدمة المؤلف]
  وسلكوا أدراج العترة الزكية، وإلى مثل ذلك أرشد القرآن، وأعرب عنه الفرقان، وأوضح هذا المعنى وأبان، فقال جل ذكره: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ}[الإسراء: ١٧]، فبخ بخ لمن دعي يوم التناد، بذرية النبي الهاد، فإنهم لا محالة تحت لواء أبيهم في ذلك المقام، وهم السقاة على الحوض والقوّام، وويل وثبور لمن دعي يوم القيامة بمن عداهم(١) من الأئمة المضلين، والقادة المخلّين.
  وقد توخينا الإيجاز فيما سأل أرشده الله ø إلّا فيما تدعوا إليه الضرورة مع أنه اقترح ما يقتضي الإسهاب، ويستدعي الإطناب، حيث طلب الوقوف على جوامع أخبارهم، ومحاسن آثارهم، ونكت من منظومهم، ولمع(٢) من منثورهم، والله تعالى يرشدنا لموافقة محبوبه، ويرزقنا الإتيان بمطلوبه، فإن أعظم الأشياء قبولا ما وافق الخاطر، ولم يعرّج عن غرض الناظر، ونحن نذكر ذلك حسبما ذكره من عني بهذا الشأن من أئمتنا $ وغيرهم من نقلة السير، ولولا اقتراحه أن نلي ذلك بأنفسنا، لكان الاتكال على ما وضعوه يكفي، ولكل ذي قلب يشفي، إلا أنه طلب منا أمرا فقمنا برضاه، وانحططنا في هواه والله تعالى ينفع السائل والمسؤول، ويمنّ علينا بالاعتصام بذرية الرسول، لنسعد في المبدأ والمآل، وننجو من موبقات الضلال، وقد سلكنا في ذلك طريقة المصنفين، وذكرنا نكتا(٣) مما ذكروه، ونظمنا لمعا مما نقلوه، ونقدّم أمام ذلك فصلا يتضمن طرفا من الأحاديث التي نقلناها بالإسناد الموثوق به إلى النبي ÷ في فضل العترة $، ليعلم الناظر أولا أن أئمة الزيدية هم الصفوة من الأمة، والخيرة من أهل الإسلام، فيكون ذلك أقرب إلى رعاية حقهم والاعتراف بفضلهم، وليتحقق المنصف أنهم أحق الأمة بالزعامة، وأجدرهم بالإمامة.
(١) في (ب): عاداهم.
(٢) في (ج): ولؤلؤ.
(٣) في (ب) شيئا.