ذكر وفاته ومبلغ عمره وموضع قبره سلام الله عليه:
  أأدهن رأسي أم تطيب مجالسي ... وخدك معفور وأنت سليب
  أم استمتع الدنيا بشيء أحبّه ... ألا كلما أدنى إليك حبيب
  أم أشرب ماء المزن أم غير مائه ... وإلا لدمعي في الآناء غروب
  فلا زلت أبكي ما تغنّت حمامة ... عليك وما هبّت صبا وجنوب
  وليس حريبا من أصيب بماله ... ولكنّ من وارى أخاه حريب
  وما قطرت عين من الماء قطرة ... وما اخضرّ في دوح الحجاز قضيب
  بكائي طويل، والدموع غزيرة ... وأنت بعيد والمزار قريب
  ولمّا مضى عني أخي ذقت حرقة ... له لم يذقنيها سواه غريب
  ولمّا نعي الحسن # إلى معاوية، وعبد الله بن العباس بباب معاوية، فحجب ابن عباس حتى أخذ الناس مجالسهم، ثم أذن له فقال: أعظم الله أجرك يا ابن عباس قال: فيمن؟ قال: في الحسن بن علي قال: إذا لا يزيد موته في عمرك، ولا يدخل عمله عليك في قبرك، فقد فقدنا من هو أعظم منه قدرا، وأجل منه أمرا، فأعقب الله عقبى صالحة فخرج ابن عباس وهو يقول:
  أصبح اليوم ابن هند شامتا ... ظاهر النخوة أن مات الحسن
  ولقد كان عليه عمره ... مثل رضوى وثبير وحضن
  فارتع اليوم ابن هند آمنا ... إنما يقمص(١) بالعير السمن
  واتق الله وأظهر توبة ... إنما كان كشيء لم يكن
  وروينا عن الزهري من طريق السيد الإمام المرشد بالله يحيى ابن الإمام الموفق بالله أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل الحسني الجرجاني $ رواه بإسناده مع ما تقدم آنفا قال: قدم ابن عباس على معاوية فمكث أياما لا يؤذن، ثم
(١) القمص: هو أن يرفع رجليه وينكس رأسه.