الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر وفاته ومبلغ عمره وموضع قبره سلام الله عليه:

صفحة 185 - الجزء 1

  أذن له ذات يوم فدخل فإذا معاوية مستبشر ومن يطيف به، فقال: يا ابن عباس أتدري ما حدث في أهل بيتك؟ فقال: والله لا أدري ما حدث في أهل بيتي غير أني أراك مستبشرا ومن يطيف بك، قال: مات الحسن بن علي. قال: إنا لله وإنا إليه راجعون يكررها مرارا، ثم قال: أما والله يا معاوية لا يزيد موته في عمرك، ولا تسد حفرته حفرتك، ولقد أصبنا بمن كان أعظم منه رسول الله ÷ فكفانا الله، ثم خرج من عنده، قال: فمكث أياما لا يصل إليه، ثم وصل إليه ذات يوم فقال معاوية: يا ابن عباس أتدري ما حدث في أهل بيتك؟ قال: وما حدث في أهل بيتي؟ قال: مات أسامة بن زيد. قال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله أسامة بن زيد، ثم خرج من عنده، وقد كان ابن عباس تقشف وكره أن يتزيّا بزيّه، فيشهره أهل الشام فيضرّ به ذلك عند معاوية، فلما رجع إلى منزله قال: يا غلام هات ثيابي فوالله لأن جلست أنا لهذا المنافق ينعي إليّ أهل بيتي⁣(⁣١) واحدا واحدا إني إذا أحمق. قال: فقال عليّ بالمقطّعات فلبسها، قال:

  ثم قال: بعمامة له اسمها: تجوبية⁣(⁣٢) فلبسها، وكان من أجمل الناس، أمدّهم جسما، وأحسنهم شعرا، وأحسنهم وجها، قال: ثم أتى مسجد دمشق فدخل، فلما نظر إليه أهل الشام قالوا: من هذا؟ ما يشبه هذا إلا الملائكة، ما رأينا مثل هذا! قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول الله ÷، فجلس إلى سارية، وتقوض إليه الخلق، فما سئل عن شيء إلا أجابهم به من تفسير من كتاب الله، ولا حلال ولا حرام، ولا وقعة كانت في جاهلية ولا إسلام، ولا شعر كان في جاهلية ولا إسلام إلّا أجابهم به. قال: ومعاوية لا يشعر بشيء من هذا، فانتبه فقال للآذن: ائذن لمن بالباب، قال: أو بالباب أحد؟ قال: فأين الناس؟ قال:


(١) في (أ): أصحابي.

(٢) نسبة إلى تجوب وهي: قبيلة من حمير. القاموس ص ٩٠.