الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

بيعته # ومدة ظهوره وانتصابه بالأمر

صفحة 196 - الجزء 1

  علي إلى محمد بن علي وأهل بيته أما بعد:

  فإنكم إن لحقتم بي استشهدتم، وإن تخلفتم عني لم تلحقوا النصر، والسلام.

  فلما وافى زبالة⁣(⁣١) استقبله الطرمّاح الطائي الشاعر، فقال له الحسين #:

  من أين خرجت؟ قال: من الكوفة، قال: كيف وجدت أهل الكوفة؟ قال:

  يا ابن رسول الله قلوبهم معك، وسيوفهم عليك⁣(⁣٢).

  فقال له الحسين #: صدقت، الناس عبيد الدنيا، والدّين لغو على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم فإذا امتحنوا بالبلاء قلّ الديّانون.

  فلما وافى كربلاء قال: في أي موضع نحن؟ قالوا: بكربلاء، قال: كرب والله وبلاء هاهنا مناخ ركابنا، ومهراق دمائنا، ثم أقبل في جوف الليل يتمثل ويقول:

  يا دهر أفّ لك من خليل ... كم لك بالإشراق والأصيل

  من ميّت وصاحب قتيل ... والدهر لا يقنع بالبديل

  وكل حيّ سالك السبيل

  فقالت له أخته زينب: لعلك تخبرنا بأنك تغصب نفسك؟ فقال #: لو ترك القطا لنام⁣(⁣٣).

  وفي بعض أخباره # أنه لما بلغ بستان بني عامر لقي الفرزدق بن غالب - الشاعر، فقال: أين تريد يا ابن رسول الله؟ ما أعجلك عن الموسم؟ وذلك يوم التروية، فقال: لو لم أعجل لأخذت أخذا، فأخبرني يا فرزدق الخبر؟ قال:


(١) اسم موضع بالكوفة.

(٢) الطبري في تاريخه ٥/ ٤٠٥، والكامل في التاريخ لابن الأثير ٣/ ٢٨١ وأمالي أبي طالب ٩١، ٩٢.

(٣) البداية والنهاية ٨/ ١٩١ - ١٩٢، والطبري في تاريخه ٥/ ٤٢٠، ومقاتل الطالبين ١١٣، والكامل لابن الأثير ٣/ ٢٨٥ - ٢٨٦، وأمالي أبي طالب ٩٢.