بيعته # ومدة ظهوره وانتصابه بالأمر
  تركت الناس قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية، قال: صدقني الخبر. ثم مرّ الحسين # حتى إذا كان مكانه الذي كان فيه من بستان بني عامر بمرحلة أو مرحلتين لقي عبد اللّه بن مطيع العدوي، فقال له: أين تريد يا ابن رسول الله؟
  قال: أريد الكوفة فإن أهلها كتبوا إليّ، قال: فإني أنشدك يا ابن رسول الله بالبيت الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام أن تعرض نفسك لبني مروان(١)، فوالله لئن عرّضت نفسك لهم ليقتلنك، قال: فمضى على وجهه #(٢).
  وروينا عن زيد بن علي عن أبيه $: أن الحسين بن علي @ خطب أصحابه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، خطّ الموت على بني آدم كخط القلادة على جيد الفتاة، ما أولعني بالشوق إلى أسلافي اشتياق يعقوب # إلى يوسف # وأخيه، وإنّ لي مصرعا أنا لاقيه كأني انظر إلى أوصالي تقطعها وحوش الفلوات غبرا وعفرا، قد ملأت مني أكراشها، رضي اللّه رضانا أهل البيت نصبر على بلائه، ليوفينا أجور الصابرين، لن تشذّ عن رسول الله ÷ حرمته وعترته، ولن تفارقه أعضاؤه وهي مجموعة في حظيرة القدس، تقرّبهم عينه، وتنجز لهم عدته، من كان فينا باذلا مهجته فليرحل فإني راحل غدا إن شاء الله تعالى، ثم نهض إلى عدوه(٣).
  وقد كان # لما أتته رسل أهل الكوفة، وقالوا: قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي، فاقدم إلينا، فبعث # إلى مسلم بن عقيل ابن عمه فقال له: سر إلى الكوفة فانظر ما كتبوا به إليّ فإن كان حقّا خرجت إليهم، فخرج مسلم حتى أتى المدينة، فأخذ منها دليلين فمرّا به في البريّة فأصابهم عطش
(١) هكذا ورد في النسخ ... والأولى لبني أمية، لأن الملك ما يزال في البيت السفياني الأموي، وما انتقل إلى البيت المرواني الأموي إلا فيما بعد.
(٢) الكامل في التاريخ لابن الأثير ٣/ ٢٧٦.
(٣) المصابيح ٣٧٢، وأمالي أبي طالب ١٩٩.