الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

بيعته # ومدة ظهوره وانتصابه بالأمر

صفحة 198 - الجزء 1

  فمات أحد الدليلين، فكتب مسلم إلى الحسين # يستعفيه، فكتب إليه الحسين # أن امض إلى الكوفة، فخرج حتى قدمها، فنزل على رجل من أهلها يقال له عوسجة، فلما تحدث أهل الكوفة بمقدمه دنوا إليه، فبايعه منهم اثنا عشر ألفا، فقام رجل ممن يهوى يزيد إلى النعمان، فقال له: إنك لضعيف أو متضعف قد فسدّ البلاد، فقال النعمان: أكون ضعيفا في طاعة الله ø أحبّ إليّ من أن أكون قويّا في معصية الله، وما كنت لأهتك سترا ستره الله ø، فكتب بقوله إلى يزيد بن معاوية، فدعا يزيد مولى له يقال له: سرجون⁣(⁣١)، قد كان يستشيره فأخبره الخبر، فقال له: أكنت قابلا من معاوية لو كان حيا قال: نعم، قال: فاقبل مني إنه ليس للكوفة إلا عبيد الله بن زياد فولها إياه⁣(⁣٢)، وكان يزيد عليه ساخطا، وقد كان همّ بعزله، وكان على البصرة⁣(⁣٣) فكتب إليه برضاه⁣(⁣٤) وأنه قد ولاه الكوفة مع البصرة، وكتب إليه أن يطلب مسلم بن عقيل فيقتله إن وجده، فأقبل عبيد الله في وجوه أهل البصرة حتى قدم الكوفة⁣(⁣٥) متلثما، فلا يمر على مجلس من مجالسهم فيسلم عليهم إلا وقالوا: وعليك السلام يا ابن بنت رسول الله، وهم يظنون أنه الحسين بن علي @ حتى نزل بالقصر، فدعا مولى له فأعطاه ثلاثة آلاف درهم، فقال له: اذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايع أهل الكوفة فأعلمه أنك رجل من أهل حمص جئت لهذا الأمر، وهذا مال فادفعه إليه ليقوى به، فخرج الرجل فلم يزل يتلطف ويرفق حتى دلّ على شيخ يلي البيعة، فلقيه فأخبره الخبر، فقال له الشيخ: لقد سرّني لقاؤك إياي، ولقد


(١) غلام أبيه معاوية.

(٢) البداية والنهاية لابن كثير ٨/ ١٦٤.

(٣) في (أ): ساقطة وكان على البصرة.

(٤) في (ج): ترضاه.

(٥) في (ج): المدينة.