بيعته # ومدة ظهوره وانتصابه بالأمر
  ساءني: فأما ما سرني من ذلك فما هداك الله ø له، وأما ما ساءني فإن أمرنا لم يستحكم بعد، فأدخله على مسلم فأخذ منه المال وبايعه، ورجع إلى عبيد الله فأخبره، وتحول مسلم بن عقيل حين قدم عبيد الله من الدار التي كان فيها إلى منزل هانئ بن عروة المرادي.
  وكتب مسلم بن عقيل إلى الحسين # يخبره ببيعة اثني عشر ألفا من أهل الكوفة ويأمره بالقدوم، قال: وقال عبيد الله لوجوه أهل الكوفة: ما بال هانئ بن عروة لم يأتني فيمن أتاني؟! قال: فخرج إليه محمد بن الأشعث، وأناس منهم، فأتوه وهو على باب داره، فقال له: إن الأمير قد استبطأك فانطلق إليه، فلم يزالوا به حتى ركب معهم فدخلوا به على عبيد الله، وعنده شريح القاضي، فلما نظر إليه قال لشريح: أتتك بحائن رجلاه(١)، فلمّا سلم عليه قال له: يا هانئ، أين مسلم؟ قال: ما أدري، فأمر عبيد الله صاحب الدراهم فخرج إليه، فلما رآه قطع به، قال، أصلح الله الأمير، والله ما دعوته إلى منزلي، ولكنه جاء فطرح نفسه علي، قال: ائتني به، قال: والله لو كان تحت قدميّ ما رفعتهما عنه، قال:
  أدنوه إليّ، فأدنوه فضربه بالقضيب فشجّه على حاجبه، وأهوى هانئ إلى سيف شرطي ليستلّه فدفع عن ذلك، وقال له: قد أحلّ الله دمك، وأمر به فحبس في جانب القصر، وخرج الخبر إلى مدحج فإذا على باب القصر جلبة سمعها عبيد الله ابن زياد، فقال: ما هذا؟ فقالوا: مدحج، فقال لشريح: اخرج إليهم فأعلمهم أني إنما حبسته لأسائله، وبعث عينا إليه من مواليه يسمع ما يقول: فمر شريح بهانئ، فقال هانئ: يا شريح اتق الله فإنه قاتلي، فخرج شريح حتى قام على باب القصر فقال: لا بأس عليه، إنما حبسه الأمير ليسائله، فقالوا: صدق ليس على صاحبكم بأس، فتفرّقوا، وأتى مسلم الخبر فنادى بشعاره، فاجتمع إليه أربعة آلاف من أهل الكوفة، فقدّم مقدّمه، وهيّأ ميمنة وميسرة، وسار في القلب
(١) مثل يقال: للساعي على نفسه بالحين. المستقصى في أمثال العرب ١/ ٣٨.