الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه وأحواله #

صفحة 245 - الجزء 1

  وروينا عن حيّة العرني قال: كنت مع أمير المؤمنين # أنا والأصبغ بن نباتة في الكناسة في موضع الجزارين والمسجد والحناطين، وهي يومئذ صحراء فما زال يلتفت إلى ذلك الموضع، ويبكي بكاء شديدا، ويقول: بأبي وأمي، فقال الأصبغ: يا أمير المؤمنين لقد بكيت والتفتّ حتى بكت قلوبنا وأعيننا، والتفتّ فلم أر أحدا، قال حدثني رسول الله ÷: «أنه يولد لي مولود، ما ولد أبوه بعد يلقى الله غضبانا وراضيا له على الحق حقا على دين جبريل وميكائيل ومحمد صلى الله عليهم، وأنه يمثل به في هذا الموضع مثالا ما مثل بأحد قبله، ولا يمثّل بأحد بعده صلوات الله على روحه، وعلى الأرواح التي تتوفى معه»⁣(⁣١).

  وروينا عن ابن عباس قال: بينما علي # بين أصحابه، إذ بكى بكاء شديدا حتى لثقت⁣(⁣٢) لحيته، فقال له الحسن #: يا أبت ما لك تبكي؟

  قال: يا بني لأمور خفيت عنك أنبأني بها رسول الله ÷، قال: وما أنبأك به رسول الله ÷؟ قال: يا بني لولا أنك سألتني ما أخبرتك، لئلا تحزن ويطول همّك، أنبأني رسول الله ÷ فذكر حديثا طويلا قال فيه: يا علي كيف أنت إذا وليها الأحول الذميم، الكافر اللئيم، فيخرج عليه خير أهل الأرض من طولها والعرض، قلت: يا رسول الله من هو؟ قال: يا علي رجل أيده الله بالإيمان، وألبسه الله قميص البر والإحسان، فيخرج في عصابة يدعون إلى الرحمن، أعوانه من خير أعوان، فيقتله الأحول ذو الشنآن، ثم يصلبه على جذع رمان، ثم يحرقه بالنيران، ثم يضربه بالعسبان حتى يكون رمادا كرماد النيران، ثم تصير إلى الله ø روحه وأرواح شيعته إلى الجنان⁣(⁣٣).


(١) مسند شمس الأخبار ١٢٠.

(٢) معناها اللثق: البلل، اللسان ١٠/ ٣٢٦.

(٣) مسند شمس الأخبار ١/ ١٢٠.