ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  فقتل فعلى قاتله لعنة الله» وفي خبر آخر: «فعلى صالبه لعنة الله»(١).
  وروينا عن أبي غسان الأزدي قال: قدم علينا زيد بن علي إلى الشام أيام هشام بن عبد الملك، فما رأيت رجلا كان أعلم بكتاب الله منه، ولقد حبسه هشام خمسة أشهر يقص علينا ونحن معه في الحبس بتفسير الحمد وسورة البقرة يهذ ذلك هذا، وذكر الكتاب قال فيه: واعلموا رحمكم الله أن القرآن والعمل به يهدي للتي هي أقوم، لأن الله شرفه وكرمه ورفعه وعظمه وسمّاه:
  روحا، ورحمة، وهدى، وشفاء، ونورا، وقطع منه بمعجز التأليف أطماع الكائدين، وأبانه بعجيب النظم عن حيل المتكلفين، وجعله متلوا لا يمل، ومسموعا لا تمجه الأذان، وغضا لا يخلق عن كثرة الرد، وعجيبا لا تنقضي عجائبه، ومفيدا لا تنفد فوائده، والقرآن على أربعة أوجه: حلال وحرام لا يسع الناس جهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وعربية يعرفها العرب، وتأويل لا يعلمه إلا الله، وهو ما يكون مما لم يكن.
  واعلموا رحمكم الله أن للقرآن: ظهرا، وبطنا، وحدا، ومطلعا، فظهره:
  تنزيله، وبطنه: تأويله، وحده: فرائضه وأحكامه، ومطلعه: ثوابه وعقابه.
  وروينا بالإسناد الموثوق به أيضا أن زيد بن علي @ سأل محمد ابن علي الباقر @ كتابا كان لأبيه قال: فقال له محمد بن علي: نعم، ثم نسي فلم يبعث به إليه فمكث سنة ثم ذكر، فلقي زيدا فقال: أي أخي ألم تسأل كتاب أبيك؟ قال: بلى، قال: والله ما منعني أن أبعث به إلا النسيان. قال:
  فقال له زيد: قد استغنيت عنه، قال: تستغني عن كتاب أبيك؟ قال: نعم، استغنيت عنه بكتاب الله، قال: فأسألك عمّا فيه؟ قال له زيد: نعم، قال:
  فبعث محمد إلى الكتاب ثم أقبل يسأله عن حرف حرف، وأقبل زيد يجيبه حتى فرغ من آخر الكتاب، فقال له محمد: والله ما حرمت منه حرفا واحدا.
(١) تاريخ ابن عساكر ١٩/ ٤٨٠.