الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه وأحواله #

صفحة 249 - الجزء 1

  على من بعدكم، إن الله تعالى يقول: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}⁣[التوبة: ١٢٢]، {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}⁣[الأنفال: ٢١] {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ}⁣[آل عمران: ١٠٥].

  عباد الله إنّا ندعوكم إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، إن الله دمر قوما اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله.

  عباد الله كأنّ الدنيا إذا انقطعت وتقضّت لم تكن، وكأنّ ما هو كائن قد نزل، وكأنّ ما هو زائل عنّا قد رحل، فسارعوا في الخير، واكتسبوا المعروف تكونوا من الله بسبيل، فإنه من سارع في الشر، واكتسب المنكر ليس من الله في شيء، أنا اليوم أتكلّم وتسمعون، ولا تبصرون، وغدا بين أظهركم هامة فتندمون، ولكن الله ينصرني إذا ردّني إليه، وهو الحاكم بيننا وبين قومنا بالحق، فمن سمع دعوتنا هذه الجامعة غير المفرقة، العادلة غير الجائرة، فأجاب دعوتنا، وأناب إلى سبيلنا، وجاهد بنفسه نفسه، ومن يليه من أهل الباطل ودعائم النفاق، فله ما لنا وعليه ما علينا، ومن ردّ علينا دعوتنا وأبى إجابتنا، واختار الدنيا الزائلة الآفلة على الآخرة الباقية، فالله من أولئك بريء، وهو يحكم بيننا وبينهم.

  إذا لقيتم القوم فادعوهم إلى أمركم، فلئن يستجيب لكم رجل واحد خير لكم مما طلعت عليه الشمس من ذهب وفضة، وعليكم بسيرة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب # بالبصرة والشام: لا تتبعوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريح، ولا تفتحوا بابا مغلقا، والله على ما أقول وكيل.

  عباد الله لا تقاتلوا عدوكم على الشك فتضلوا عن سبيل الله، ولكن البصيرة ثم القتال، فإن الله يجازي عن اليقين أفضل جزاء يجزي به على حق. إنه من قتل نفسا يشك في ضلالتها كمن قتل نفسا بغير حق. عباد الله البصيرة البصيرة.