ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  قال أبو الجارود فقلت له: يا ابن رسول الله، يبذل الرجل نفسه على غير بصيرة؟ قال: نعم، إن أكثر من ترى عشقت نفوسهم الدنيا، فالطمع أرداهم إلا القليل الذين لا تخطر على قلوبهم الدنيا، ولا لها يسعون، فأولئك مني وأنا منهم.
  وروينا بالإسناد عن عمر بن صالح العجلي قال: سمعت زيد بن علي @ يقول في خطبته: الحمد لله مذعنا له بالاستكانة، مقرّا له بالوحدانية، وأتوكل عليه توكّل من لجأ إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده المصطفى، ورسوله المرتضى، الأمين على وحيه، المأمون على خلقه، المؤدي إليهم ما استرعاه من حقه حتى قبضه إليه ÷.
  أيها الناس: أوصيكم بتقوى الله، فإن الموصي بتقوى الله لم يدّخر نصيحة، ولم يقصر عن إبلاغ عظمة، فاتقوا الله في الأمر الذي لا يصل إلى الله تعالى إن أطعتموه، ولا ينتقص من ملكه شيئا إن عصيتموه، ولا تستعينوا بنعمته على معصيته، وأجملوا في طلب مباغي أموركم، وتفكروا وانظروا.
  وروينا عن جعفر بن محمد @ قال: كان لعمي زيد بن علي @ ابن فتوفي، فكتب إليه بعض إخوانه يعزيه، فلما قرأ الكتاب قلبه وكتب على ظهره، أما بعد: فإنا أموات، أبناء أموات، آباء أموات، فيا عجبا من ميّت يعزي ميتا عن ميت، والسلام.
  وبالإسناد الموثوق به عن بعضهم قال: أخبرني أبو خالد الواسطي، وأبو حمزة الثمالي قالا: حبّرنا رسالة ردا على الناس، ثم إنا خرجنا إلى المدينة، فدخلنا على محمد بن علي فقلنا له: جعلنا لك الفدا، إنّا حبّرنا رسالة ردا على الناس فانظر إليها قال: فاقرءوها، قال: فقرأناها، فقال: لقد أجدتم واجتهدتم، فهل أقرأتموها زيدا؟ قلنا: لا. قال: فأقرءوها زيدا، وانظروا ما يرد عليكم.