ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  قال فدخلنا على زيد فقلنا له: جعلنا لك الفدا، رسالة حبرناها ردّا على الناس جئناك بها، قال: اقرءوها، فقرأناها عليه حتى إذا فرغنا منها، قال:
  يا أبا حمزة وأنت يا أبا خالد لقد اجتهدتم، ولكنها تكسر عليكم: أما الحرف الأول فالرد فيه كذا، فما زال يرددها حتى فرغ من آخرها حرفا حرفا، فوالله ما ندري من أي شيء نعجب من حفظه لها أو من كسرها؟ ثم أعطانا جملة من الكلام نعرف به الردّ على الناس، قال: فرجعنا إلى محمد بن علي فأخبرناه ما كان من زيد، قال: يا أبا خالد، وأنت يا أبا حمزة، إن أبي دعا زيدا، فاستقرأه القرآن فقرأ، وسأله عن المعضلات فأجاب، ثم دعا له وقبّل بين عينيه، ثم قال:
  يا أبا خالد، وأنت يا أبا حمزة، إن زيدا أعطي من العلم علينا بسطة.
  وروينا عن خالد بن صفوان اليمامي قال: أتينا زيد بن علي وهو يومئذ بالرصافة، رصافة هشام بن عبد الملك، فدخلنا عليه في نفر من أهل الشام وعلمائهم، وجاءوا معهم برجل قد انقاد له أهل الشام في البلاغة والبصر بالحجج، وكلمنا زيد بن علي في الجماعة، وقلنا: إن الله مع الجماعة، وإن أهل الجماعة حجة الله على خلقه، وإن أهل القلة هم أهل البدعة والضلالة.
  قال: فحمد الله زيد بن علي وأثنى عليه وصلى على محمد ÷، ثم تكلم بكلام ما سمعت قرشيا ولا عربيا أبلغ في موعظة، ولا أظهر حجة، ولا أفصح لهجة منه، قال: ثم أخرج إلينا كتابا قاله في الجماعة والقلة، ذكره من كتاب الله فلم يذكر كثيرا إلا ذمّه، ولم يذكر قليلا إلا مدحه، والقليل في الطاعة هم أهل الجماعة، والكثير في المعصية هم أهل البدع.
  قال خالد بن صفوان: فيئس الشامي فما أحلى ولا أمرّ، وسكت الشاميون فما يجيبون بقليل ولا كثير، ثم قاموا من عنده فخرجوا، وقالوا لصاحبهم: فعل الله بك وفعل غررتنا وفعلت وزعمت أنك لا تدع له حجة إلا كسرتها، فخرست فلم تنطق، فقال لهم: ويلكم كيف أكلم رجلا إنما حاجني بكتاب الله؟