ذكر بيعته # ومدة ظهوره:
  أخرج زيدا وأصحابه بعد صلاة العصر إلى المسجد فاستحلفوا، فكتب يوسف إلى هشام يعلمه بذلك، فكتب إليه هشام خل سبيلهم، فخلّى يوسف سبيلهم(١)، فأقام زيد بعد خروجه من عند يوسف بالكوفة أياما، وجعل يوسف يستحثه بالخروج فيعتل عليه بالشغل، وبأشياء يبتاعها، فألح عليه حتى خرج فأتى القادسية.
  ثم إن الشيعة التقوا به فقالوا: أين تخرج عنّا رحمك الله ومعك مائة ألف سيف من أهل الكوفة والبصرة وخراسان يضربون بها بني أمية دونك، وليس قبلنا من أهل الشام إلّا عدة يسيرة؟ فأبى عليهم، فلم يزالوا يناشدونه حتى رجع بعد أن أعطوه العهود والمواثيق، فقال له محمد بن عمر بن علي: أذكرك الله يا أبا الحسين لما لحقت بأهلك ولم تقبل قول أحد من هؤلاء الذين يدعونك، فإنهم لا يفون لك، أليسوا أصحاب جدك الحسين بن علي؟ قال: أجل، وأبى أن يرجع، وأقبلت الشيعة وغيرهم تختلف إليه يبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة خاصة سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان، وأقام بالكوفة بضعة عشر شهرا، وأرسل دعاته إلى الآفاق والكور يدعون الناس إلى بيعته، وأرسل الفضيل بن الزبير إلى أبي حنيفة، قال فضيل: فأتيته فأبلغته رسالة زيد، فخرس لا يدري ما يرد عليّ، ثم قال: ويحك ما تقول أنت؟ قلت: لو نصرته فالجهاد معه حق. قال: فمن يأتيه في هذا الباب من فقهاء الناس؟ قلت: سلمة بن كهيل، ويزيد بن أبي زياد، وهارون بن سعد، وأبو هاشم الرماني، وحجاج بن دينار وغيرهم، فعرفهم فقال لي: اذهب اليوم فإذا كان الغد فأتني ولا تكلمني بكلمة إلا أن تجيء فتجلس في ناحية، فإني سأقوم معك فإذا قمت فأقف أثري، فأتيته من الغد فلما رآني قام فتبعته فقال: أقره مني السلام وقل له أمّا الخروج معك فلست أقوى عليه - وذكر
(١) في (أ): سقطت: فخلى يوسف سبيلهم.