الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

مقتله ومبلغ عمره #

صفحة 264 - الجزء 1

  فأمر به يوسف عند ذلك: خراش بن حوشب فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار، ثم جعله في قواصر، ثم حمله في سفينة، ثم ذراه في الفرات، سلام الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وروت الشيعة أن رماده اجتمع في الفرات حتى صار مثل هالة القمر يضيئ ضياء شديدا وموضع ذلك معروف يستشفى به.

  وكان هشام لعنه الله لما أتى إليه برأسه ألقاه بين الدجاج، فقال بعض أهل الشام: اطردوا الديك عن ذؤابة زيد، فلقد كان لا تطأه الدجاج، وافتخر شاعر بني أمية بقتله وصلبه فقال:

  صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة ... ولم نر مهديا على الجذع يصلب

  ولقد مكن الله تعالى وزير آل محمد أبا حفص الخلّال السبيعي من صلب هشام بن عبد الملك وضربه وتحريقه، وذلك أنه لما مات طلوه بالصبر لئلا يبلى، فوجدته الشيعة لما نبشته مثلما دفن، فقال بعض شعراء أهل العصر في كلمة يمدح فيها الإمام المنصور بالله #:

  وكم صون جسم كان فيه هلاكه ... كما ضرّ بالتّصبير جسم هشام

  ولأبي ثميلة الأنباري يرثي زيد بن علي @:

  يا أبا الحسين أعار فقدك لوعة ... من يلق ما لا لاقيت منها

  فعر⁣(⁣١) السهاد⁣(⁣٢) ولو سواك رمت به ... الأقدار حيث رمت به لم يشهد

  فصعرت⁣(⁣٣) بعدك كالسليم وتارة ... أحكى إذا أمسيت فعل الأرمد

  ونقول: لا تبعد، وبعدك داؤنا ... وكذاك من يلقى المنية يبعد

  كنت المؤمل للعظائم والنهى ... ترجى لأمر الأمة المتأود⁣(⁣٤)

  فقتلت حين نضلت كل مناضل ... وصعدت في العلياء كل مصعّد


(١) في المقاتل: فغدا.

(٢) السهاد: نقيض الرقاد. لسان العرب ٣/ ٢٢٤.

(٣) في (ج): فعثرت.

(٤) أن تأوده: الأمر تؤده، وتأداه: أي ثقل عليه. تاج العروس ٤/ ٣٣٩.