ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:
  خبري، فجعلت تلح عليّ فلم أزل استكفي الله أمرها، حتى ماتت بعد أيام، فما أجدني آسى على شيء من الدنيا آسي على أنها ماتت ولم تعلم بموضعها من رسول الله ÷، قال: ثم أقسم عليّ أن أنصرف فودعني، فلما كان بعد ذلك صرت إلى الموضع الذي انتظرته فيه لأره فلم أره، وكان آخر عهدي به.
  هذا ما حكاه الشيخ أبو الفرج، وإنما حكينا من قصة عيسى بن زيد @ ذلك، لأنه تمهيد لما قاله في محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن $، ليعرف المنصف أنه إذا قال فيه ما حكيناه على علمه وفضله وورعه وثقته كان صادقا في قيله فتظهر الحال وتنجلي في محمد بن عبد الله @ وإن كان ظاهرا جليا غير أن ذلك زيادة في اليقين.
  وروى الشيخ أبو الفرج(١): أيضا بإسناده إلى حيث انتهى قال: سمعت عبد الله بن حفص العامري يقول في حديث حدّث به عن محمد: حدثني من لم تر عيني والله ممن خلق الله خيرا منه ولا أراه أبدا، محمد بن عبد الله @، فقال له ابنه: إنما أفلتّ من يد أبي جعفر أمس في ضرب عنقك، وهذا ابنه فقال: يا بني [هذا] والله [أمر] لا يبالي أبوك لو ضربت [عليه] عنقه.
  وروينا بالإسناد الموثوق به عن عمير بن الفضل الخثعمي قال: رأيت أبا جعفر الذي لقب من بعد بالمنصور يوما، وذلك في زمان بني أمية، وقد خرج محمد بن عبد الله من دار أبيه وله فرس واقف على الباب مع عبد له أسود، فلما خرج وثب أبو جعفر فأخذ بركابه حتى ركب، ثم سوى عليه ثيابه على السرج، ومضى محمد فقلت له - وكنت حينئذ أعرفه ولا أعرف محمدا: من هذا الذي عظمته هذا الإعظام حتى أخذت بركابه وسويت عليه ثيابه؟ فقال: أو ما تعرفه؟
  قلت: لا، قال: هذا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، مهدينا أهل
(١) المقاتل ٢٥٠.