الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته ومدة ظهوره #

صفحة 280 - الجزء 1

  الولادات، متسقا بأكرم الآباء والأمهات، فلو أن أحدنا في مثل منزلته، وعند الله في مثل حاله، لاصطفاه ولأخرجه من مخرجه تبارك وتعالى، ولكن نظر إليه برحمته، واختاره لرسالته، واستحفظه مكنون حكمته، وأرسله بشيرا ونذيرا، وقائدا إليه وسراجا منيرا، ثم قبضه الله إليه حميدا ÷، فخلّف كتابه الذي كان به هدى واهتدى، وأمر بالعمل بما فيه، وقد نجم الجور، وخولف الكتاب الذي به هدى واهتدى، وأميتت السنة، وأحييت البدعة، ونحن ندعوكم أيها الناس إلى الحكم بكتاب الله وإلى العمل بما فيه، وإلى إنكار المنكر، وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونستعينكم على ما أمر به في كتابه من المعاونة على البر والتقوى.

  واعلموا أيها الناس أنكم غير مصيبي الرشد بخلافكم لذريته ÷، ووضع الأمر في غير محله، فغارت أجدكم بعد جماحها⁣(⁣١)، وتفرقت جماعتكم بعد اتساقها، وشركتم الظالمين في أوزارها لترككم التغيير على أمرائها، ودفع الحق من الأمر إلى أوليائه، فلا سهمنا أوفيناه، ولا تراثنا أعطيناه، وما زال يولد مولودنا في الخوف، وينشأ ناشئنا في القهر والغلبة، ويموت ميتنا بالذل والقتل، بمنزلة بني إسرائيل يذبح أبناؤهم ويستحيى نساؤهم، ويولد مولودهم في المخافة، وينشأ ناشئهم في العبودية، وإنما فخرت قريش على سائر الأحياء بمحمد ÷، ودانت العجم للعرب بادعائها لحقنا بأبينا ÷، ثم منعنا حقه، ودفعنا عن مقامه، أما والله لو رجوا التمكين في البلاد، والظهور على الأديان، وتناول الملك بخلاف إظهار التوحيد، وبخلاف الدعوة إلى محمد ÷ والإذعان منهم بالقرآن، لتخذوا أساطير مختلفة بأهوائهم، ولعبدوا الأوثان بآرائهم، ولتخذوا من أنفسهم زعيما، فاتقوا الله عباد الله، وأجيبوا إلى الحق، وكونوا عليه أعوانا لمن


(١) في (أ): فغارت أحلامكم بعد جماحها. والأجد: الناقة القوية الموثقة الخلق. لسان العرب ٣/ ٧٠. والجماح: المهزومون من الحرب. لسان العرب ٢/ ٤٢٧.