ذكر بيعته ومدة ظهوره #
  دعاكم إليه، ولا تأخذوا بسنة بني إسرائيل إذ كذّبوا أنبياءهم، وقتلوا ذريتهم، على أنها سنة لسنة ترتكبونها، وعروة بعد عروة تنكثونها، وقد قال الله جل ثناؤه في كتابه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}[الانشقاق: ١٩] فاعرفوا فضل ما هداكم به، وتمسكوا بوثائقه، واعتصموا بعروته، من قبل هرج الأهواء، واختلاف الأحزاب، وتنكب الصواب، فإن كتابي حجة على من بلغه، ورحمة على من قبله، والسلام.
  وكتب # كتابا إلى خواص أصحابه، وأمر بقراءته عليهم: ﷽ أما بعد: فإن الله جعل ثناؤه بعظمته ألزم نفسه علم الغيوب عن خلقه، لعلمه أنها لا تصلح إلا له، ثم أنشأ خلقه بلا عون، ودبّر أمره بلا ظهير، ابتدأ ما أنشأ على غير مثال من معبود كان قبله، ثم اختار لتفضيله بعلمه من ملائكته ورسله من ائتمنه على أسرار غيوبه، لم يلاحظه في الملكوت عين ناظرة، ولا يد لامسة، متفرد بما دبّر، ذلكم الله رب العالمين إلى أن أخرج محمدا ÷ من خير نسل ذوي العزم من الرسل، تناسخه دوارج الأصلاب، إلى مطهرات الأرحام، حتى استخرجه خير جنين، وأصحبه خير قرين، أرسله بنور الضياء إلى أهل الظلم والكفر، قد نسكوا وذبحوا للأصنام، واستقسموا بالأزلام، مترددين في حيرة الضلالة، كلما ازدادوا في عبادتهم جهلا ازدادوا من الله بها بعدا، حتى تصرمت عنهم مدة البلاء بقيام محمد ÷ فيهم يدعوهم إلى النجاة، ويضمن لهم الظفر في الدنيا، وحسن المثوبة في الآخرة، ويخبرهم عن القرون الماضية، كيف نجى من نجى منهم بالاستجابة لرسلهم، وكيف بعث العذاب على من تولّى منهم وأمثالهم، وانظر إلى آثارهم وديارهم خاوية على عروشها كيف تركوها وما فيها، فقال: يا قوم احذروا مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود، فأبوا إلا التكذيب بالتوحيد، واستعظموا أن يجعلوا الآلهة إلها واحدا، فلما أمر أن يجاهد بمن أطاعه من عصاه، كبر عليه مجاهدة الكثير من المشركين بالقليل من المسلمين،