صفته #:
  فصلى ركعة فلما صلى الثانية بكى وهو في الصلاة، فلما رأى الناس النبي ÷ يبكي بكوا، فلما انصرف قال: ما يبكيكم؟ قالوا: رأيناك تبكي فبكينا يا رسول الله، قال ÷: نزل عليّ جبريل لما صليت الركعة الأولى فقال لي: (يا محمد إن رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان وأجر الشهيد معه أجر شهيدين)(١).
  وكان قد اشتهر من الكرم والجود بما لم يشتهر به عربي ولا عجمي في عصره، والروايات في هذا المعنى كثيرة إلا أنا نذكر راوية تجمع.
  روى الشيخ أبو الفرج(٢) | بإسناده، قال: ركب الحسين صاحب فخ دين كثير، فقال لغرمائه: الحقوني إلى باب المهدي، وخرج فخرجوا إلى باب المهدي فقال لآذنه: قل له: هذا ابن عمك الينبعي على الباب، قال: وكان على جمل فقال له: ويلك أدخله على جمله فأدخله حتى أناخه في وسط الدار، فوثب المهدي فسلم عليه وعانقه وأجلسه إلى جنبه وجعل يسأله عن أهله، ثم قال له: يا ابن عم ما جاء بك؟، قال: ما جئتك وورائي أحد يعطيني درهما، قال:
  أفلا كتبت إلينا؟ قال أحببت أن أحدث بك عهدا، فدعا المهدي ببدرة من دنانير، وبدرة من دراهم، وتخت من ثياب حتى دعا له بعشر بدر دنانير، وعشر بدر دراهم، وعشرة تخوت فدفعها إليه، وخرج فطرحت في دار ببغداد، وجاءه غرماؤه، فكان يقول للواحد: كم لك علينا؟ فيقول: كذا وكذا، فيزن له، ثم يدخل يده في بيت الدنانير والدراهم فيقول: هذا صلة منا لك فلم يزل حتى لم يبق من ذلك المال إلا شيء يسير، ثم انحدر إلى الكوفة يريد المدينة فنزل قصر ابن هبيرة في خان، فقيل لصاحب الخان: هذا رجل من ولد رسول الله ÷، فأخذ له سمكا فشوّاه وجاء به ومعه رقاق، وقال له: لم أعرفك يا ابن رسول الله، قال لغلامه: ما بقي معك من ذلك المال؟ قال: شيء يسير، والطريق بعيد،
(١) المقاتل ص ٤٣٦.
(٢) المقاتل ٤٤٣ - ٤٥٠.