ذكر طرف من أخباره وبيعته #:
  الجناة، ولا ينتزعها(١) السقاة، فمن نزل بها وأوى إليها ورد حياضا تفيض، ورعى رياضا لا تغيض، وشرب شربا رويّا هنيئا مريئا متلألئا غريضا فضيضا، فروّى وارتوى من رواء بدلاء ملأى، مبذولة غير ممنوعة، معروضة غير مقطوعة، فاستمسك بالعروة الوثقى من معرفة حق الله عليك في نصرة يحيى، وتحريم حرمته، واستغنم الظفر بما يلزمك من حفظه لمكان النبي # ومكان الوصي بعده الإمام، ومكان أهله منه، وحفظ دين الله خاصة، وفي أهل البيت عامة، وأحببهم جميعا حبا نافعا، واجعل حبك إياهم حبا دائما بغير تقصير ولا إفراط، ولا احتراف ولا اختلاف، تجمعهم إذا تفرقوا، ولا تفرق بينهم إذا اجتمعوا، ولا تصدّق عليهم أهل الفرية من الرافضية الغلاة، فإنهم العداة للقائمين بالحق من عترة الرسول، وسيّئو النية فيهم والجرأة على الله بالإفك والشنآن، وهم أهل الخلابة وقلة المهابة للعواقب، واعلم أن من اعتقد ترك ما نهى عنه في السر الباطن، وأظهر الحق في المواطن، ولزم التقوى وحفظ حق ذي القربى، وتجنب في حبهم الجور والحزونة، وسلك الطريقة الوسطى، وسار فيهم بالقصد والسهولة، وأقرّ بالفضل لأهله، وفضّل ذا الفضل بفضله، ودعا إلى الله تعالى وإلى كتابه وسنة نبيه، ولم ير الإغماض في دينه، ولم ينقض مبرما، ولم يستحل محرما، فمن كانت هذه صفته لحق بالصالحين من سلفه وبخير آبائه الطاهرين، فتدبر ما وصفت لك، وميزه بقلبك، فإن كنت كذلك لحقت بأهل الولاية الباطنة والمودة الراتبة، التي لم تغيرها فتنة ولم تصبها ابنة(٢)، فاسكن خير دار عند أكرم جار بأهنإ راحة وأفضل قرار، في مكان لا يشوبه المكاره والغل، ولا يعاب أهله بسوء الأخوة والبخل، يتلاقون بأحسن تحية، بصدق برية، وأخلاق سنية، لا تمازجها الريبة، ولا تنساع فيها الغيبة، قد وصلهم الله بحبله
(١) في (أ): ولا شرعها.
(٢) الأبنة: العيب. القاموس ص ١٥١٥.