الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من أخباره وبيعته #:

صفحة 333 - الجزء 1

  فاتصلوا به، وجمعهم في جواره فاستبشروا به، فعلى ذلك يتواخون وبه يتواصلون، يتحابون بالولاية، ويتوادون بحسن الرعاية، فهم كما قال الله:

  {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ} الآية [الفتح: ٢٩]، فهم كمثل من خلا من قبلهم، مستهم البأساء والضراء ونالهم المكروه واللأواء، والشدة والأذى، امتحنوا بعظيم المحن والبلوى، فصبروا لله على ما امتحنهم به، وأخلصوا لله ما أرادوا منه، فحباهم⁣(⁣١) على ما أسلفوا، وكافأهم بجميل ما اكتسبوا، وأحبهم لعظيم ما صبروا، والله يحب الصابرين. رزقنا الله تراحم الأبرار وتواصل الأخيار الذين لهم عقبى الدار، وفتح لنا ولك أبواب الحكمة، وعصمنا وإياك بحبل العصمة، وشملنا بجميل النعمة، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

  ولما علم هارون المسمى بالرشيد بكثرة من استجاب ليحيى #، وكونه في الديلم عند جستان وحيث لا طاقة له في أخذه قهرا أعمل الحيلة في ذلك، فوجّه الفضل بن يحيى بن خالد في خمسين ألف مقاتل، وألزمه التوصل إلى استخراج يحيى # بما يمكن من الحيل فتشدد الفضل في ذلك إزالة للتهمة عن نفسه، فقد كان سعي به إلى هارون وقيل: إنه يعرف مكان يحيى #، وإنه كتب له منشورا يعرضه على أصحاب المسالح حتى لا يعترضوا له بحال. فلما جهز الفضل بن يحيى بالجند والأموال الجليلة أمره أن يبذل لجستان ما يحبه من الأموال، وأوصاه أن يعرض على يحيى # كل أمر يوافق خاطره، وأن يعظم القطائع الجليلة على احترامه واحترام شيعته، وأن يسكن حيث أحب من البلاد. وشيع هارون الجيش إلى النهروان، فلما عرضوا عليه رأى ما أعجبه من كراع وسلاح ورجال، وكان ذلك سنة ست وسبعين ومائة، ونهض الفضل بن يحيى يطوي البلاد حتى حط بطالقان الري، فكاتب ملك الديلم وبذل له ألف ألف درهم على خروج يحيى #، فامتنع ملك الديلم من ذلك، فأرسل إليه الفضل بالأموال، وأنواع التحف


(١) في (أ): فحاباهم.