الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من أخباره وبيعته #:

صفحة 334 - الجزء 1

  والهدايا فلم يؤثر فيه ذلك بل استمر على الامتناع. وقد كان هارون أودع الفضل كتابا إلى يحيى # إن امتنع ملك الديلم فيه الأمان والوثائق، وأن يبذل له من المال ألف ألف وألف ألف وألف ألف وما أحب من القطائع، وينزله من البلاد حيث شاء⁣(⁣١). فكتب يحيى # إلى هارون جواب كتابه:

   أما بعد: فقد فهمت كتابك، وما عرضت عليّ فيه من الأمان على أن تبذل لي أموال المسلمين، وتقطعني ضياعهم التي جعلها الله لهم دوني ودونك، ولم يجعل لنا فيها نقيرا ولا فتيلا، فاستعظمت الاستماع له فضلا عن الركون إليه، واستوحشت منه تنزها عن قبوله، فاحبس عني أيها الإنسان مالك وإقطاعك وقضاك حوائجي، فقد أدبتني إذا خالف ناقصا⁣(⁣٢)، وولدتني عاقا قاطعا، فوالله لو أن من قتلته من أهلي ترك وديالم على بعد أنسابهم مني وانقطاع رحمهم عني لوجبت عليّ نصرتهم، والطلب بدمائهم، إذ كان منكم قتلهم ظلما وعدوانا، والله لكم بالمرصاد لما ارتكبتم من ذلك، وعلى الميعاد لما سبق فيه من قوله ووعيده، وكفى بالله جازيا ومعاقبا، وناصرا لأوليائه ومنتقما من أعدائه، وكيف لا أطلب بدمائهم وأنام عن ثأرهم، والمقتول بالجوع والعطش والنكال، وضيق المحابس وثقل الأغلال، وعدو العذاب وترادف الأثقال - أبي عبد الله بن الحسن ذو الشيبة الزكية، والهمة السنية، والديانة المرضية، والخشية والتقية، شيخ الفواطم، وسيد أبناء هاشم طرّا، وأرفع أهل عصره قدرا، وأكرم أهل بلاد الله فعلا، ثم يتلوه إخوته وبنو أبيه، ثم إخوتي وبنو عمومتي نجوم السماء، وأوتاد الدنيا، وزينة الأرض، وأمان الخلق ومعدن الحكمة، وينبوع العلم، وكهف المظلوم، ومأوى الملهوف، ما منهم أحد إلا من لو أقسم على الله لبرّ قسمه،


(١) مقاتل الطالبين ٤٦٥، والإفادة ٧٦.

(٢) في (أ): ناقضا.