الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من أخباره وبيعته #:

صفحة 335 - الجزء 1

  فما أنس من الأشياء فلا أنسى مصارعهم، وما حلّ بهم من سوء مقدرتكم، ولؤم ظفركم، وعظيم إقدامكم، وقسوة قلوبكم، إذ جاوزتم قتلة من كفر بالله إفراطا، وعذاب من عاند الله إسرافا، ومثلة من جحد الله عتوا. وكيف أنساه؟

  وما أذكره ليلا إلا أقضّ عليّ مضجعي وأقلقني عن موضعي، ولا نهارا إلا أمرّ عليّ عيشي، وقصّر إليّ نفسي حتى لوددت أني أجد السبيل إلى الاستعانة بالسباع عليكم فضلا عن الناس، وآخذ منكم حق الله الذي أوجب عليكم، وأنتصف من ظالمكم، وأشفي غليل صدر قد كثرت بلابله، وأسكّن قلبا جما وساوسه من المؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم ولو يوما واحدا، ثم يقضي الله فيّ ما أحب، وإن أعش فمدرك ثأري داعيا إلى الله سبحانه على سبيل الرشاد أنا ومن اتبعني، نسلك قصد من سلف من آبائي وإخواني وإخوتي القائمين بالقسط الدعاة إلى الحق، وإن أمت فعلى سنن ما ماتوا غير راهب لمصرعهم، ولا راغب عن مذهبهم، فلي بهم أسوة حسنة، وقدوة هادية، فأول قدوتي منهم أمير المؤمنين رضوان الله عليه، إذ كان ما زال قائما وقت القيام مع الإمكان حتما، والنهوض لمجاهدة الجبارين فرضا، فاعترض عليه من كان كالظلف مع الخف، ونازعه من كان كالظلمة مع الشمس، فوجدوا لعمر الله من حزب الشيطان مثل من وجدت، وظاهرهم من أعداء الله مثل من ظاهرك، وهم لمكان الحق عارفون، وبمواضع الرشد عالمون، فباعوا عظيم أجر الآخرة بحقير عاجل الدنيا، ولذيذ الصدق بغليظ مرارة الإفك، ولو شاء أمير المؤمنين لهدأت له، وركنت إليه بمحاباة الناكثين، واتخاذ المضلين، وموالاة المارقين، ولكن أبى الله أن يكون للخائنين متخذا، وللظالمين مواليا، ولم يكن أمره عندهم مشكلا، فبدلوا نعمة الله كفرا، واتخذوا آيات الله هزوا، وجحدوا كرامة الله، وأنكروا فضيلة الله، فقال رابعهم: أنّى تكون لهم الخلافة والنبوة، حسدا وبغيا، فقديما حسد النبيئون وأبناء النبيين الذين اختصهم الله بمثل ما اختصنا، فأخبر عنهم تبارك وتعالى فقال: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى