الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من أخباره وبيعته #:

صفحة 336 - الجزء 1

  ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً}⁣[النساء: ٥٤]، فجمع لهم المكارم والفضائل، والكتاب والحكمة والنبوة والملك العظيم، فلما أبوا إلا تماديا في الغي وإصرارا على الضلال، جاهدهم أمير المؤمنين حتى لقي الله شهيدا رضوان الله عليه. ثم تلاه الحسن سليل رسول الله ÷ وشبيهه، وسيد شباب أهل الجنة، إذ كل أهلها سادة فكيف بسيد السادة، فجاهد من كان أمير المؤمنين جاهده، وسكن إليه من المسلمين من كان شايعه من ذوي السابقة وأهل المأثرة، فكان ممن نقض ما عقد له ونكث عما عاهده عمك عبيد الله بن العباس حين اطمأن إليه، وظن أن سريرته لله مثل علانيته.

  وجّهه على مقدمته في نحو عشرين ألف مقاتل من المسلمين، فلما نزل مسكنا من سواد العراق باع دينه وأمانته من ابن آكلة الأكباد بمائة ألف درهم وفارق عسكره ليلا ولحق بمعاوية، فدلّه على عورات عسكر ابن رسول الله، وأطمعه في مبارزته بعد أن كانت نفسه قد أحيط بها وضاق عليه مورده ومصدره، وظنّ أن لا مطمع له حين استدرج وأمهل له فارتحل الحسن بنفسه باذلا لها في ذات الله ومحتسبا ثواب الله، حتى إذا كان بالمدائن وثب عليه أخو أسد، فوجأه في فخذه فسقط لما به، وأيس الناس من إفاقته، فتبددوا شيعا، وتفرقوا قطعا، فلما قصرت طاقته، وعجزت قوته، وخذله أعوانه سالم هو وأخوه معذورين مظلومين موتورين، فاستثقل اللعين ابن اللعين حياتهما، واستطال مدتهما، فاحتال بالاغتيال لابن رسول الله ÷ حتى نال مراده وظفر بقتله، فمضى مسموما شهيدا، مغموما فقيدا. وغبر شقيقه وأخوه وابن أمه وأبيه شريكه في فضله، ونظيره في سؤدده، على مثل ما انقرض عليه أبوه وأخوه، حتى إذا ظن أن قد أمكنته محنة الله من بوارهم، ونصرة الله من اخترامهم، دافعه عنها أبناء الدنيا، واستدرج بها أبناء الطلقاء، فبعدا للقوم الظالمين، وسحقا لمن آثر على سليل النبيين وبقية المهتدين الخبيث ابن الخبيثين، والخائن ابن الخائنين، فقتلوه ومنعوه ماء