الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من أخباره وبيعته #:

صفحة 346 - الجزء 1

  فتقدموا فشهدوا بأجمعهم أنه عبد لهارون وليس بابن بنت النبي ÷ وكانوا من أهل قزوين، وزنجان وأبهر وشهر برد⁣(⁣١) وهمذان والري ودنباوند والرؤايان تسعمائة رجل، ومن أهل طبرستان أربعمائة. وكل هؤلاء من أهل الشرف والقدر والعرب المتمكنين في البلاد، ليس فيهم وضيع إلا اليسير، وكان أكثر أولئك الشهود، لأنهم من العلماء قد بايع⁣(⁣٢) ليحيى #(⁣٣)، قال جستان: هل بقيت لك علة تعتل بها؟ قال يحيى #: بكاؤهم وترددهم، إنهم مكرهون، فإن أبيت إلا غدرا فأنظرني آخذ لي ولأصحابي الأمان على نسخة أنسخها وأوجه بها إلى هارون حتى أكتب إقراره بخطه وجميع الفقهاء والمعدلين من بني هاشم ففعل، وكتب إلى الفضل بذلك، وكتب الفضل إلى الرشيد فامتلأ الرشيد سرورا وفرحا، وأجاب إلى العقد ليحيى #، وأشهد على نفسه من ذكره يحيى من العلماء والهاشميين، وأتى كتاب هارون وخطه بيده⁣(⁣٤).

  ثم انفصل يحيى # من ملك الديلم، فلما دنا من الفضل بن يحيى تلقاه - وترجّل له وقبّل ركابه، وذلك بمرأى من جستان، فندم جستان وحينئذ أخذ ينتف لحيته ويحثوا التراب على رأسه تلهّفا وتحسرا، وعلم أنه قد خدع، وإن كان قد وضح له الحال لكنه مال إلى الطمع ومساعدة زوجته الكافرة، فوثب عليه بنو عمه فقتلوه وملّكوا سواه.

  وكان قد أسلم على يدي يحيى # جماعة من الديلم وبنوا مسجدا، وقدم يحيى # مع الفضل بن يحيى بغداد فتلقاه الرشيد بكل ما أحب وأمر له بأربعمائة ألف دينار، وأجرى له الرواتب السنية وأنزله منزلا سنيا بعد أن أقام في منزل يحيى بن خالد أياما، وكان يتولى أمره بنفسه تعظيما له، وأمر الناس بإتيانه


(١) في (ج): وسهر برد.

(٢) في (أ): بايعوا.

(٣) في (أ): بزيادة: بن عبد الله.

(٤) الإفادة ٧٧، ومقاتل الطالبين ٤٦٩، والمصابيح ٤٩٤.