ذكر مقتله # والسبب فيه:
  أعينهم بذكره، وهو الذي فعل بعبد الله بن عباس ما لا خفاء به عليك، حتى لقد ذبحت له يوما بقرة فوجدت كبدها قد تفتتت، فقال له ابنه علي بن عبد الله: يا أبه ما ترى كبد هذه البقرة؟ قال: يا بني هكذا ترك ابن الزبير كبد أبيك، ثم نفاه إلى الطائف، فلما حضرته الوفاة قال لعلي ابنه: يا بني الحق بقومك من بني عبد مناف بالشام، فاختار له صحبة يزيد بن معاوية على صحبة عبد الله بن الزبير، وو الله إن عداوة هذا لنا جميعا بمنزلة سواء لكنه قوي عليّ بك وضعف عنك، فتقرب بي إليك ليظفر منك فيّ بما يريد؛ إذ لم يقدر على مثله منك، وما ينبغي لك أن تسوّغه ذلك فيّ، فإن معاوية بن أبي سفيان وهو أبعد نسبا منك إلينا ذكر يوما الحسن بن علي فسفّهه فساعده عبد الله بن الزبير على ذلك فزجره معاوية، فقال: إنما ساعدتك يا أمير المؤمنين، فقال: إن الحسن لحمي آكله ولا أوكله، فقال عبد الله بن مصعب: إن عبد الله بن الزبير طلب أمرا فأدركه، وإن الحسن باع الخلافة بالدراهم، أتقول هذا في عبد الله بن الزبير وهو ابن صفية بنت عبد المطلب؟ فقال يحيى: يا أمير المؤمنين ما أنصفنا إذ يفخر علينا بامرأة من نسائنا وامرأة منا، هلّا فخر بهذا على قومه من التوبيات والأسامات والحميدات، فقال عبد الله بن مصعب: ما تدعون بغيكم علينا وتوثبكم في سلطاننا؟ فرفع يحيى # رأسه إليه ولم يكن يكلمه قبل ذلك إنما كان يخاطب الرشيد بجوابه لكلام عبد الله، فقال له: أتوثّبنا في سلطانكم؟ ومن أنتم أصلحك الله؟ عرّفني فلست أعرفكم، فرفع الرشيد رأسه إلى السقف يجيله فيه ليستر ما عراه من الضحك، ثم غلبه الضحك ساعة وخجل ابن مصعب، ثم التفت يحيى فقال: يا أمير المؤمنين، ومع هذا فهو الخارج مع أخي على أبيك والقائل له:
  إن الحمامة يوم الشعب من دثن ... هاجت فؤاد محبّ دائم الحزن
  إنّا لنأمل أن ترتدّ ألفتنا ... بعد التدابر والبغضاء والإحن
  حتى يثاب على الإحسان محسننا ... ويأمن الخائف المأخوذ بالدّمن