ذكر مقتله # والسبب فيه:
  وتنقضي دولة أحكام قادتها ... فينا كأحكام قوم عابدي وثن
  فطال ما قد بروا بالجور أعظمنا ... بري الصناع قداح النبع بالسّفن
  قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتنا ... إن الخلافة فيكم يا بني حسن
  لا عزّ ركنا نزار عند سطوتها ... إن أسلمتك ولا ركنا ذوي يمن
  ألست أكرمها عودا إذا نسبوا ... يوما وأطهرهم ثوبا من الدّرن
  وأعظم الناس عند الناس منزلة ... وأبعد الناس من عيب ومن وهن
  قال فتغير وجه الرشيد عند سماع هذا الشعر، فابتدأ ابن مصعب يحلف بالله الذي لا إله إلا هو وبأيمان البيعة أن هذا الشعر ليس له، فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين ما قال هذا الشعر غيره، وما حلفت كاذبا ولا صادقا بالله قبل هذا، وإن الله إذا مجده العبد في يمينه بقوله الرحمن الرحيم الطالب الغالب استحيى أن يعاقبه فدعني أحلّفه بيمين ما حلف بها أحد قط كاذبا إلا عوجل، قال: حلّفه، قال: قل برئت من حول الله وقوته، واعتصمت بحولي وقوتي، وتقلّدت الحول والقوة من دون الله استكبارا على الله واستغناء عنه، واستعلاء عليه إن كنت قلت هذا الشعر، فامتنع عبد الله من الحلف بذلك، فغضب الرشيد وقال: للفضل ابن الربيع: يا عباسي ما له لا يحلف إن كان صادقا؟ هذا طليساني عليّ، وهذه ثيابي لو حلّفني أنها لي لحلف، فرفس الفضل عبد الله بن مصعب برجله وصاح به:
  احلف ويحك - وكان له هوى - فحلف باليمين ووجهه متغير وهو يرعد، فضرب يحيى بين كتفيه، ثم قال: يا ابن مصعب قطعت والله عمرك، والله لا تفلح بعدها، فما برح من موضعه حتى أصابه الجذام فتقطع ومات من اليوم الثالث، فحضر الفضل جنازته ومشى معها ومشى الناس معه، فلما جاءوا به إلى القبر ووضعوه في لحده، وجعل اللّبن فوقه انخسف القبر فهوى به حتى غاب عن أعين الناس فلم يروا قرار القبر وخرجت منه غبرة عظيمة فصاح الفضل: التراب التراب، فجعل يطرح التراب وهو يهوي، ودعا باحمال شوك فطرحها فهوت فأمر