الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر مقتله # والسبب فيه:

صفحة 351 - الجزء 1

  حينئذ بالقبر فسقف بخشب وأصلحه وانصرف منكسرا. وكان الرشيد بعد ذلك يقول للفضل: رأيت يا عباسي ما أسرع ما أديل يحيى من ابن مصعب⁣(⁣١). وفيه يقول أبو فراس الحارث بن سعيد:

  يا جاهدا في مساويهم لتكتمها ... غدر الرشيد ليحيى كيف ينكتم

  ذاق الزبيري غبّ الحنث وانكشفت ... عن ابن فاطمة الأقوال والتهم

  قال السيد أبو طالب # [الإفادة: ٨١]: وكان يحيى # إذا فرغ من صلاة العشاء الآخرة سجد سجدة إلى قرب السحر ثم يقوم فيصلي وكان هارون يطلع عليه من قصره فقال ليلة ليحيى بن خالد وهو عنده: انظر هل ترى في ذلك الصحن شيئا؟ وأشار إلى الموضع الذي كان يسجد فيه، فقام ونظر وقال:

  أرى بياضا، ثم قال له: قرب طلوع الفجر انظر هل ترى ذلك البياض؟ فنظر، فقال: لست أراه. فقال: ذلك يحيى بن عبد الله إذا فرغ من صلاة العتمة سجد سجدة يبقى فيها إلى آخر الليل، قال يحيى: فقلت في نفسي انظر ويلك أن لا تكون المبتلى به، ثم سلمه إلى يحيى بن خالد.

  قال الشيخ أبو الفرج⁣(⁣٢): ثم جمع الرشيد الفقهاء وفيهم محمد بن الحسن صاحب أبي يوسف القاضي، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وأبو البختري وهب بن وهب، فجمعوا في مجلس، فخرج إليهم مسرور الكبير بالأمان، فبدأ محمد بن الحسن فنظر فيه فقال: هذا أمان مؤكد لا حيلة في نقضه، وكان يحيى قد عرضه بالمدينة على مالك وابن الدراوردي وغيرهم فعرّفوه أنه مؤكد لا علة به، فصاح عليه مسرور وقال: هاته، فدفعه إلى الحسن بن زياد، فقال: بصوت ضعيف هو أمان.

  وروى غير الشيخ أبو الفرج من علمائنا رحمهم الله تعالى: أن محمد بن الحسن قال: فمن نقضه فعليه لعنة الله، فسمعه الرشيد فأخذ الدواة فرماه بها


(١) مقاتل الطالبين ٧٥ وما بعدها.

(٢) المقاتل ٤٧٩.