ذكر مقتله # والسبب فيه:
  فشجّه، فانصرف إلى منزله وهو يبكي فقال له صاحبه: أتبكي من شجة في سبيل الله؟ قال: لا والله ولكني أخاف أن أكون قصّرت في أمر يحيى فأكون قد شركت في دمه.
  رجعنا إلى رواية الشيخ أبو الفرج قال |(١): واستلبه أبو البختري وهب بن وهب فقال: هذا باطل منتقض، قد شق العصا، وسفك الدم، فاقتله ودمه في عنقي فدخل مسرور إلى الرشيد فأخبره، فقال له: اذهب فقل له: خزّقه إن كان باطلا بيدك، فجاءه مسرور، فقال له ذلك، فقال: شقه يا أبا هاشم، فقال له مسرور: بل شقه إن كان منتقضا، فأخذ سكينا فجعل يشقه ويده ترعد حتى صيره سيورا، فأدخله مسرور على الرشيد فوثب فأخذه من يده وهو فرح وهو يقول له: يا مبارك يا مبارك، ووهب لأبي البختري ألف ألف وخمسمائة ألف درهم، وولاه قضاء القضاة، وصرف الآخرين، ومنع محمد بن الحسن من الفتيا مدة طويلة، وأجمع على إنفاذ ما أراده في يحيى #.
  وقد اختلف في قتله كيف كان، فروى بإسناده(٢) عن رجل كان مع يحيى في المطبق قال: كنت قريبا منه، وكان في أضيق البيوت وأظلمها، فبينما نحن ذات ليلة كذلك إذ سمعنا صوت الأقفال وقد مضت من الليل هجعة فإذا هارون قد أقبل على برذون له، ثم وقف فقال: أين هذا؟ يعني يحيى بن عبد الله، قالوا: في هذا البيت، قال عليّ به، فأدنى إليه فجعل هارون يكلمه بشيء لم أفهمه، فقال:
  خذوه، فأخذه فضربه مائة عصى، ويحيى يناشده الله والرحم والقرابة من رسول الله ÷ ويقول: بقرابتي منك، فيقول: ما بيني وبينك قرابة.
  ثم حمل فردّ إلى موضعه، فقال: كم أجريتم عليه؟ فقالوا: أربعة أرغفة، وثمانية أرطال ماء، قال اجعلوه على النصف من ذلك، ثم خرج فمكثنا ليالي،
(١) المقاتل ٤٨٠.
(٢) مقاتل الطالبين ٤٨٢.