الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

أولاده #:

صفحة 367 - الجزء 1

  ويمضي لوجهه ولا ينزل إلا بالكوفة، وكان محمد عليلا علّته التي مات فيها⁣(⁣١)، وكان الحسن بن سهل لانتحاله النجوم ونظره فيها ينظر في نجم محمد فيراه محترقا، فيبادر في طلبه ويحرّض على ترويحه، ويشغله ذلك عن النظر في أمر عسكره. فسار زهير بن المسيب حتى ورد قصر ابن هبيرة فأقام به، ووجه ابنه أزهر بن زهير على مقدمته فنزل سوق أسد.

  وسار أبو السرايا من الكوفة وقت العصر وأغذ السير حتى أتى معسكر أزهر ابن زهير بسوق أسد وهم قارّون وبيّته فطحن العسكر وأكثر القتل فيهم، وغنم دوابهم وأسلحتهم وتقطع الباقون في الليل منهزمين حتى وافوا زهيرا بالقصر فتغيظ من ذلك.

  ورجع أبو السرايا إلى الكوفة فزحف زهير حتى نزل ووافت خريطة من الحسن بن سهل فأمره أن لا ينزل إلا الكوفة، فمضى حتى نزل عند القنطرة، ونادى أبو السرايا في الناس بالخروج، فخرجوا حتى صافّوا زهيرا على قنطرة الكوفة في عشية صردة باردة فهم يوقدون النار يستدفئون بها ويذكرون الله ويقرءون القرآن، وأبو السرايا يسكن منهم ويحثهم. وأقبل أهل بغداد يصيحون:

  يا أهل الكوفة زينوا نساءكم وأخواتكم وبناتكم للفجور، والله لنفعلن بهن كذا وكذا. لا يكنّون، وأبو السرايا يقول لهم: اذكروا الله وتوبوا إليه واستغفروه واستعينوه، فلم يزل الناس في تلك الليلة يتحارسون طول ليلتهم حتى إذا أصبح نهد إليهم زهير في عسكره، وقد غشيت أبصار الناس من الدروع والجواش وهم على تعبئة حسنة، وأصوات الطبول والبوقات مثل الرعد القاصف، وأبو السرايا يقول: يا أهل الكوفة صححوا لله نياتكم، وأخلصوا له ضمائركم، واستنصروه على عدوكم، وابرءوا إليه من حولكم وقوتكم، واقرءوا القرآن، ومن كان يروي الشعر فلينشد شعر عنترة العبسي. قال: ومرّ بنا الحسن بن الهذيل يعترض الناس


(١) في (ج): منها.