الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

أولاده #:

صفحة 368 - الجزء 1

  ناحية ناحية ويقول: يا معشر الزيدية، هذا موقف تشترك فيه الأقدام، وتزايل فيه الأفعال، والسعيد من حاط دينه، والرشيد من وفّى لله بعهده، وحفظ محمدا في عترته. إن الآجال موقوفة، والأيام معدودة، ومن هرب بنفسه من الموت كان الموت محيطا به:

  من لم يمت عبطة يمت هرما ... الموت كأس والمرء ذائقها

  قال أبو الفرج الأصبهاني⁣(⁣١): الحسن بن هذيل هذا صاحب حسين المقتول بفخ، وقد روى عنه الحديث قالوا: واطّلع رجل من أهل بغداد مستلئما شاكلي السلاح، فجعل يشتم أهل الكوفة ويقول لهم: لنفجرنّ بنسائكم ولنفعلن بكم ولنصنعن، فانتدب له رجل من أهل الوازار⁣(⁣٢) عليه إزار أحمر وفي يده سكين، فألقى نفسه في الفرات وخرج سباحة حتى صار إليه فدنا منه فأدخل يده في جيب درعه وجذبه إليه فصرعه، وضرب بالسكين حلقه فقتله وجرّ برجله يطفو مرة ويغوص أخرى حتى أخرجه إلى أهل الكوفة، فكبّر الناس وارتفعت أصواتهم بحمد الله والثناء عليه والدعاء، وخرج رجل من ولد الأشعث بن قيس فعبر إلى البغداديين، ودعا للبراز فبرز له رجل فقتله، وبرز إليه آخر فقتله، وبرز إليه ثالث فقتله حتى قتل نفرا، وأقبل أبو السرايا فلما رآه شتمه، وقال: من أمرك بهذا؟

  ارجع فرجع الرجل يمسح سيفه بالتراب ورده في غمده وقنع فرسه⁣(⁣٣)، ومضى نحو الكوفة فلم يشهد حربا بعدها معهم، ووقف أبو السرايا بالقنطرة معهم طويلا وخرج رجل من أهل بغداد، فجعل يشتمه بالزاني لا يكنى، وأبو السرايا واقف لا يتحرك، ثم إنه تغافله ساعة حتى همّ بأن ينصرف، ثم حمل عليه فقتله، وحمل في عسكرهم حتى خرج من خلفهم، ثم حمل عليهم من خلف العسكر حتى رجع


(١) المقاتل ص ٥٢٧.

(٢) قرية بباب الكوفة.

(٣) في (أ): رأسه.