الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

أولاده #:

صفحة 375 - الجزء 1

  وخرج الناس معه وقد كان جاسوسه أخبره أن هرثمة يريد مواقعته في ذلك اليوم، فعبأ الناس مما يلي الرصافة، ومضى هو نحو القنطرة فلم يبعد حتى أقبلت خيل هرثمة، فرجع أبو السرايا كالجمل الهائج إلى الناس فقال: أقيموا صفوفكم، وأقبل هرثمة فاقتتلوا قتالا شديدا، فنظر أبو السرايا إلى روح بن الحجاج قد رجع فقال له: والله لئن مضيت لأضربن عنقك، فرجع فقاتل حتى قتل، وقتل يومئذ الحسن بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين، وقتل أبو كتلة غلام أبي السرايا، واشتدت الحرب وكشف أبو السرايا رأسه وجعل يقول: أيها الناس صبر ساعة وثبات قليل، فقد والله فشل القوم ولم يبق إلا هزيمتهم، ثم حمل وخرج إليه قائد من قواد هرثمة وعليه الدرع والمغفر، فتناوشا ساعة ثم ضربه أبو السرايا ضربة على بيضته فقده حتى خالط سيفه قربوس سرجه، وانهزمت المسودة هزيمة قبيحة، وتبعهم أهل الكوفة يقتلونهم حتى بلغوا صعيبا، فنادى أبو السرايا: يا أهل الكوفة، احذروا كرّتهم بعد الفرّة فإن العجم قوم دهاة، فلم يصغوا إلى قوله وتبعوهم، وكان هرثمة قد أسر في ذلك الوقت - ولم يعلم أبو السرايا بأسره، أسره عبد سندي، وقبل ذلك خلّف في معسكره زهاء خمسة آلاف فارس يكونون ردءا له إن انهزم أصحابه، وخلف عليهم عبيد الله بن الوضاح، فلما وقعت الهزيمة ونادى أبو السرايا: لا تتبعوهم، كشف عبيد الله بن الوضاح رأسه وأصحابه يقولون: قتل الأمير، قتل الأمير، فناداهم فما يكون إذا قتل الأمير يا أهل خراسان؟ إليّ أنا يا عبيد الله بن الوضاح، اثبتوا فوالله ما القوم إلا غوغاء ورعاع وثابت إليه طائفة، وحمل على أهل الكوفة فقتل منهم مقتلة عظيمة، وتبعوهم حتى جازوا صعيبا، وتبعوا ووجدوا هرثمة أسيرا في يد عبد أسود فقتلوا العبد وحلّوا وثاق هرثمة، وعاد إلى معسكره ولم تزل الحرب بينهم مدة متراخية في كل يوم أو يومين يكون بينهم سجالا، ثم إن أبا السرايا بعث علي بن محمد بن جعفر المعروف بالبصري في خيل وأمره أن يأتي هرثمة من ورائه