ذكر بيعته # ونبذ من سيرته واستتاره
  آل رسول الله ÷ وعابدهم، وعبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن الفاضل الزاهد، والحسن بن يحيي بن الحسين بن زيد، وكانت فضيلة السبق إلى منابذة الظالمين انتهت إلى هؤلاء، فاتفقوا على بيعة القاسم #، وكانوا قد امتحنوا على فضلهم المشهور بالاستتار الشديد.
  روينا عن السيد أبي طالب # في أماليه [١٢٧ - ١٢٨] قال: روى أبو عبد الله محمد بن يزيد المهلّبي قال: حدّثنا محمد بن زكريا الغلابي قال:
  صرت إلى أحمد ابن عيسى وهو متوار بالبصرة فقال لي: لمّا طلبنا هارون - يعني الملقب بالرشيد - خرجت أنا والقاسم بن إبراهيم وعبد الله بن موسى بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن فتفرقنا في البلاد، فوقعت إلى ناحية الري، ووقع عبد الله بن موسى إلى الشام، وخرج القاسم بن إبراهيم إلى اليمن، فلما توفي هارون اجتمعنا في الموسم فتشاكينا ما مرّ علينا، فقال القاسم #: أشد ما مر بي أني لما خرجت من مكة أريد اليمن في مفازة لا ماء فيها ومعي بنت عمي وهي زوجتي وبها حبل، فجاءها المخاض في ذلك الوقت، فحفرت لها حفرة لتتولى أمر نفسها، وضربت في الأرض أطلب لها ماء، فرجعت وقد ولدت غلاما وأجهدها العطش فألححت في طلب الماء فرجعت إليها وقد ماتت والصبي حي، فكان بقاء الغلام أشد علي من وفاة أمه، فصليت ركعتين ودعوت الله أن يقبضه فما فرغت من دعائي حتى مات.
  وشكى عبد الله بن موسى: أنه خرج من بعض قرى الشام وقد حثّ عليه الطلب وأنه صار إلى بعض المسالح(١) وقد تزيّا بزي الأكرة(٢) والفلاحين، فسخّره بعض الجند وحمل على ظهره شيئا، وكان إذا أعيا ووضع ما على ظهره للاستراحة ضربه ضربا شديدا وقال: لعنك الله ولعن من أنت منه!.
(١) أي الثغور.
(٢) الحراثين المزارعين.