ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:
  ما طعامكم هذا؟ فيقال: الحنطة، فيدخل يده في الوعاء فيأخذ منها في كفه ويطحنه بيده، ثم يخرجه فيقول: هذا دقيق.
  وكان يأخذ الدينار فيؤثر في سكته بإصبعه ويمحوها. وكان على رجل له حقّ قبل قيامه، فامتنع من قضائه، فأهوى إلى عمود حديد فلواه في عنقه ثم سواه وأخرج عنقه منه.
  وروى السيد أبو طالب #(١) بإسناده: أن يحيى # كان غلاما حزوّرا(٢) بالمدينة، وكان طبيب نصراني(٣) يختلف إلى أبيه الحسين بن القاسم على حمار له يعالجه من مرض أصابه، فنزل عن الحمار يوما وتركه على الباب، فأخذ يحيى # الحمار وأصعده السطح، فلما خرج الطبيب لم يجد الحمار، فقيل له: صعد به يحيى السطح، فسأله أن ينزله، فمن المثل السائر: (أنه إنّما ينزل الحمار من صعد به) فأنزله وقد دميت بنانه، فبلغ ذلك أباه فزجره وخاف عليه أن ترمقه العيون. وكان يأخذ قوائم البعير المسن القوي فلا يقدر البعير - وإن جهد - على النهوض. وكان يضرب بسيفه عنق البعير البازل الغليظ فيبينه من جسده.
ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:
  فضله # لا يخفى، ونور مجده لا يطفى، وظهور حاله يغني عن ذكر محاسن خلاله(٤)، إلا أنا نذكر من أحواله طرفا رعاية لحقه الواجب، وهو الذي فقأ عين الضلال، وأجرى معين العلم السلسال، وضارب عن الدين كافة الجاحدين حتى عرف الله من أنكره. ومناقبه أكثر من أن تنظم في سلك المدائح.
(١) الإفادة ١٠٢.
(٢) في (أ) حزوّر كعملّس: الغلام القوي، ينظر القاموس ٤٧٩.
(٣) في (أ) سرياني.
(٤) الخلّة: الخصلة. القاموس ١٢٨٥.