ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:
  ذلك الأوان واشتجر القتل بينهم، فلما وصل # حط بالقرب من المدينة، ثم خرجوا إليه فوعظهم وذكرهم، وانتظم الصلح بينهم في الحال ببركته بعد أن كانت فتنتهم قد عظمت جدا، حتى إن قائدا لآل يعفر وصل إلى ناحيتهم يريد الصلح فيما بينهم معه ألوف فما ساعدوه إلى ذلك، حتى إنهم يقتتلون وهو واقف في ناحيتهم، فقتل عشرون قتيلا، وانتظم أمرهم ببركة الهادي إلى الحق #، واسمه: يحيى اسم نبي وهو يحيى بن زكريا #، فامتلأ اليمن ببركته عدلا بعد أن كان فيه بالوقت الذي وافاه من القبائح ما يعظم فيه من مذهب القرامطة والجبرية وسائر الأفعال الزرية(١)، وطار فقهه في الآفاق، حتى صارت أقواله في أقصى بلاد العجم يأنسون بها أكثر من أنس أهل اليمن بها، وعليها يعتمدون، وبها يفتون ويقضون(٢).
  وكان # قد نشأ على العلم والعبادة، حتى صار بمنزلة الطبع له، ونال من العلم(٣) منالا لم يعلم أن أحدا من المشهورين أدركه في وقت إدراكه.
  روى السيد أبو طالب #(٤) بإسناده: عن المرتضى محمد بن الهادي @، قال: إن يحيى بن الحسين بلغ من العلم مبلغا يختار عنده ويصنف وله سبع عشرة سنة، وهذه من عجائب الروايات (التي تضمنت خرق العادات)(٥)، ولا عجب فيمن كانت أعراقه تنتهي إلى الذروة العالية النبوية أن يبلغ هذا الكمال، ويفوز بمحاسن الخلال، وقد قال ÷: «اللهم اجعل العلم والفقه
(١) في (أ) الردية.
(٢) سيرة الإمام الهادي ٤١، والمصابيح ٥٧٨.
(٣) في (أ) بمنزلة الطبع ونال في العلم.
(٤) الإفادة ١٠٣.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).