ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:
  ذات يوم في بعض حروبه فرفع الرجل يده بالسيف ليضربه فأهوى # بيده فقبض بها على يد الرجل على مقبض السيف، فهشم أصابعه(١). ولما هزم جيشه # يوم أتوه(٢) بأسباب خيانة جرت من بعض من كان معه بقي في آخر الليل ولحقت به فرسانهم، وكان من عرفه قلّ طمعه فيه، فجعلوا يطعنونه وهو ينحي الرماح بسوطه، فقال بعض أصحابه: يا سيدي سل سيفك، قال: ما كنت لأسله إلا أن أضرب به، فعاجله رجل برمحه، فلما ثبت فيه ثنى يده وكسر السنان ورمى به في وجه الرجل، وكان ذلك دأبه # في جميع المواطن يصطلي شرر النار، ولا يقهقر عن مناطحة الشفار، بل يخوضها قدما قدما، ويجرع أضداده صابا وعلقما.
  وكان له # خصائص وكرامات تكشف عن علو منزلته عند الله ø.
  فمن ذلك ما رواه مصنف سيرته عن بعضهم، قال: كان لي ابن صغير لم يتكلم، فطلبت الدواء له بكل حيلة فأعياني، فعزمت على حمله إلى مكة وكنت على ذلك حتى أتاني كتاب الهادي #، فأخذنا خاتمه فوضعناه في ماء وسقيناه الصبي فأفصح بالكلام، فحدثت بذلك الناس وشاهدوا الغلام وهو يتكلم، وشاهده بعضهم وهو لا يتكلم.
  وروى أيضا عن بعضهم، قال: سمعت رجلا يقع في الهادي # وينتقصه في أصله، فما مكث إلا أياما حتى أخذه بلاء فانقطعت رجله قبل أن يموت ثم مات بعد ذلك. قال: وسمعت أيضا أن امرأة تكلمت بكلام سوء فقامت سحرا فأخذتها النار فاحترقت.
  وروى أيضا أنه # كان في نجران، فأتي بصبي قد ذهب بصره من الجدري، فأمرّ يده على بصره ودعا له فأبصر. وروى أنه # كان في أرض لا ظلال فيها
(١) المصابيح ٥٧٣.
(٢) بلدة حميرية في بلاد أرحب.