الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

بيعته # ونبذ من سيرته في ولايته ومدة ظهوره

صفحة 38 - الجزء 2

  أيضا للهادي #: يا أبا الحسين، أتراني أعيش إلى وقت توجّه إليّ مما تغنمه ولو بمقدار عشرة دراهم أتبارك بها⁣(⁣١). وفي بعض الحكايات: أنه لما حضر وقت الصلاة، قال الهادي #: تقدم يا عم فصل بنا، فتقدم محمد بن القاسم # فصلى بهم، ثم قال: يا أبا الحسين، استغفر لي ما كان لي أن أتقدمك! فقال:

  يغفر الله لك يا عم، فزاد ذلك بصيرة من حضر في أمر الهادي # لما كانوا يعلمون من فضل عمه محمد بن القاسم وعلمه وورعه⁣(⁣٢).

  ثم سار الهادي إلى الحق # حتى انتهى إلى صعدة لستة أيام خلون من صفر سنة أربع وثمانين ومائتين، وبينهم الفتن العظيمة، فعمهم الصلح ببركته وصاروا إخوانا، وأقام # آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وولى ولاته في الجهات، ورسم لهم الرسوم، ثم افتتح نجران وأقام فيه مدة، وعاود إلى صعدة ونشر من محاسن العدل ما يليق بمثله #، وكان يتولى تفقد كثير من الأمور بنفسه سالكا في ذلك طريقة المتواضعين⁣(⁣٣).

  روى السيد أبو طالب #(⁣٤) بإسناده عن أبي الحسن الهمداني المعروف بالحروري، وكان رجلا فقيها على مذهب الشافعي - يجمع ما بين الفقه والتجارة، قال: قصدت اليمن في بعض الأوقات وحملت ما أتجر فيه إلى هناك ابتغاء لرؤية يحيى بن الحسين لما كان يتصل بي من آثاره، فلما حصلت بصعدة، قلت لمن لقيته من أهلها: كيف أصل إليه؟ ومتى أصل؟ وبمن أتوسل في هذا الباب؟ فقيل لي: إن الأمر أهون مما تقدّر، تراه الساعة إذا دخل الجامع للصلاة بالناس، فإنه يصلي بالناس الصلوات كلها، فانتظرته حتى خرج للصلاة فصلى


(١) سيرة الهادي ٣٦.

(٢) سيرة الهادي ٣٧.

(٣) سيرة الهادي ٤١.

(٤) الإفادة ١١٤.