ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  وكان # يقول: حفظت من كتب الله ø ثلاثة عشر كتابا، فما انتفعت منها كانتفاعي بكتابين، أحدهما: الفرقان لما فيه من التسلية لنبيئنا محمد ÷ بما كابده السلف الصالحون من الأنبياء المتقدمين والرسل الطاهرين À أجمعين، والثاني: كتاب دانيال النبي #، لما فيه أن الشيخ الأصم يخرج في بلد يقال لها: ديلمان، ويكابد من أصحابه وأعدائه جميعا ما لا يقادر قدره ولكن عاقبته محمودة(١). وهذا يشهد بشرفه # العظيم وفضله الجسيم، حيث ذكره الله تعالى في كتاب دانيال صلّى اللّه عليه وعلى سائر أنبيائه، ويحق له # أن يكون كذلك، فإنه انتشر على يديه من الإسلام في تلك الجهات ما شهرته تغني عن ذكره، وقد قيل:(٢) إن الذي أسلم على يديه مائتا ألف، وقيل: ألف ألف نسمة. وروى الشيخ أبو القاسم البستي(٣): أنه أسلم على يديه في يوم واحد أربعة عشر ألف نسمة، وقد قال ÷: «من أسلم على يديه رجل وجبت له الجنة»، وقال ÷ لعلي #: «يا علي لئن يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس»، فاستقر الإسلام ببركته في تلك الديار، وطمست رسوم الكفر والضلال، وكان أكثر تلك النواحي لا يعرف فيها اسم الله، بل هي باقية على الشرك والجاهلية المجوسية. وأتاها # وملكها جستان متزوج بجدّته فرحض الله ببركته تلك الأدران، ولبست تلك الأراضي ثياب الإيمان، وصارت مستقرا للحق ومأوى للأئمة السابقين $، وكان ذلك بحميد سعيه وحسن دعائه # فقد كان في نهاية الرفق واللين، حتى عظم تأثيره في الدعاء إلى الله تعالى، وقد شهد لذلك ما رويناه عنه # أنه قال
(١) الشافي ٣٠٩.
(٢) في (أ): وقد نقل الراوي.
(٣) المراتب: ١٦٣.