الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه وأحواله #

صفحة 61 - الجزء 2

  ومن كلامه # وقد كتب إلى بعضهم: ولقد بلغك - أعزك الله ما أدعو وأهدي إليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إحياء لما أميت من كتاب الله تعالى، ودفن من سنة رسول الله ÷، بعد أن محّضت أي التنزيل عارفا بها، منها تفصيل وتوصيل، ومحكم ومتشابه، ووعد ووعيد، وقصص وأمثال، آخذا باللغة العربية التي بمعرفتها يكون الكمال، مستنبطا للسنة من معادنها، مستخرجا للمتكمنات من مكامنها، منيرا لما ادلهمّ من ظلمها، معلنا لما كتم من مستورها.

  وكان # في أرفع منزلة من منازل الحلم، فروى مصنف كتاب المسفر: أنه نادى غلاما له يسمى: حسينا⁣(⁣١) ثلاث مرات فلم يجبه، فلما أطال عليه، قال مجيبا: مزّة، أي لا تعش، فقال #: مسكين أضجرناه. ونظير ذلك ما روي عن عليّ بن الحسين # أنه دعا غلاما مرارا فلم يجبه، فلما خرج وجده قاعدا على الباب، فقال: ما منعك أن تجيبني فقال: أمنتك، قال: فخرّ ساجدا لله يحمد الله تعالى ويشكره، وقال: الحمد لله الذي أمّن عباده من شري. ثم قال: اذهب فأنت حر لوجه الله.

  وكان # خشنا زاهدا ورعا عابدا مقبلا بالليل والنهار على طاعة الله وعبادته، وكان ذلك دأبه # حتى توفاه الله إلى رضوانه وشريف جنانه. ومن شعره # قوله:

  واها لنفسي من خياري واها ... كلّفتها الصّبر على بلواها

  وسوغ مرّ الحق مذ صباها ... ولا أرى إعطاءها هواها

  أريد تبليغا بها علياها ... في هذه الدنيا وفي أخراها

  بكل ما أعلم يرضي الله⁣(⁣٢)


(١) في (أ): حسير.

(٢) ذكره السيد أبو طالب في أماليه ١٢٧.