فصل: [في فضل أهل البيت]
  الله ÷ فأقام بها، وإذ هناك ناس من بني مدلج(١) يعملون في عين لهم في نخل، فقال علي #: يا أبا اليقظان هل لك في أن نأتي إلى هؤلاء فنظر كيف يعملون؟ قال: قلت إن شئت، قال: فجئناهم ثم نظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم، فانطلقت أنا وعليّ # حتى اضطجعنا في صور(٢) من النخل ودقعائها فوالله ما أهبّنا إلّا رسول الله ÷ يحركنا برجله، وقد تترّبنا من تلك الدقعاء(٣) التي نمنا فيها، فيومئذ قال رسول الله ÷ لعليّ #: «مالك يا أبا تراب!؟ لما يرى عليه من التراب، ثم قال: «ألا أحدثكم بأشقى الناس؟
  قلت: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا عليّ على هذه - ووضع يده على قرنه حتى تبل منها هذه وأخذ بلحيته»(٤).
  هذه طريق في تكنيته بأبي تراب.
  وفي رواية أخرى بالإسناد الموثوق به أنه وقع بينه وبين فاطمة & كلام فخرج، فقال النبي ÷ لإنسان: ابغ عليّا، قال: هو ذاك في المسجد، قال: فأتاه النبي ÷ والريح تسفي عليه التراب، فقال: «قم يا أبا تراب»، قال سهل بن سعد: وهو الذي انتهت إليه الرواية - فوالله إن كانت لأحب الأسماء إلى علي #(٥). وفي طريق أخرى فقال سهل: فكنا نمدحه بهذا فإذا ناس يعيبونه، قال الشاعر وهو السوسي:
(١) بنو مدلج: قبيلة من كنانة وهو مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة. تاج العروس ٣/ ٣٧٢
(٢) الصّور: النخل الصغار أو المجتمع. تاج العروس ٧/ ١١٢.
(٣) الدقعاء: التراب. ص ٩٢٤ القاموس.
(٤) المناقب لابن المغازلي ٥٩، والخصائص ١٣٠. والمسند ١٨٣٤٩. والطحاوي مشكل الآثار ٢/ ٢١٨. والبيهقي في الدلائل ٣/ ١٢. وصححه الحاكم على شرط مسلم ٣/ ١٤١. ووافقه الذهبي.
وابن هشام ١/ ٦٠٠. والحلبية ٢/ ١٢٦. وعيون الأثر ١/ ٣٥٧ وما بعدها. وابن كثير ٢/ ٣٦٣.
وتأريخ خليفة ٥٧. الطبقات ٢/ ٩.
(٥) المناقب لابن المغازلي ص ٦٠، والدولابي ص ٣٤ رقم ١٤، والبخاري في صحيحه ١/ ١٧٠ رقم ٤٣٠ ج ٣/ ١٣٥٨ رقم ٣٥٠٠، ٥/ ٢٢٩١ رقم ٥٨٥١.