مدة ظهوره ونبذ من سيرته ووقت موته وموضع قبره #:
  لحق، ولا انتهاك لمسلم، ولا هتك لمحرم، ولا إراقة دم حرام، ولا إظهار بدعة، ولا فعل شنعة، ولا محبة رفعة، ولا إرادة رفاهية، ولا مفاخرة بجمع، وإنما قمت للازم الحجة بي، ووجوبها عليّ، وتوثق أرباقها(١) بي، على حين جفاء من الإخوان وتراكم من الأحزان وإفراد من الأعوان، وليس مكاني يخفى ولا مقامي يغبى، ولا اسمي بمجهول فيعذر الغافل والمتثاقل، ويجد حجة الخاذل، ويمكن المتخلف التأول مع المحن التي أنا فيها، والأمور التي أقاسيها من كثرة لائم لا يرضى، وعابد للدنيا، ومطّلب للسعة والغنى، ومتربص لا يتقى، ومفرد عند الشدائد لا يرعى، ومتسخط وقت لا يعطى، وما دعوت إلى الدنيا فإذا عدمها أهلها معي ذهبوا، فإذا فارقوها انقلبوا، ألا وإني إنما دعوت إلى ما دعا إليه من كان قبلي من الأئمة الطاهرين والعباد الصالحين، أنا عبد الله وابن نبيه ÷، الشاري نفسه لله سبحانه، الغضبان لله جل ثناؤه إذ عصي في أمره، واستخف بفرضه، وقتلت الدعاة إلى دينه، فلو أسعفتني الأعوان وعاضدتني الأنصار، وصبر على دعوتي أهل الأديان، لعلوت فرسي واعتضيت رمحي وتقلدت نجاد سيفي وآخيت درعي، وقصدت أعداء الله جل ذكره. وكان يجيب الأقران إلى يوم الطعان صابرا محتسبا مسرورا جدلا، إذا أشرعت الأسنة، واختلفت الأعنة، ودعيت نزال لمعانقة الإبطال، وتكافحت الرجال، وسالت الدماء، وكثرت الصرعى، ورضي الرب الأعلى، فيا لها خطة مرضية لله جل ثناؤه ما أشرفها، فأنا أشهد الله لوددت أني أجد إلى حيلة سبيلا يعزّ فيها الدين، ويصلح على يدي أمر هذه الأمة - وأني أجوع يوما وأطعم يوما حتى تنقضي أيّامي، وألاقي حمامي، فذلك أعظم السرور وأجل الحبور وأشرف الأمور، ولو كان ذلك وأمكن ما نزلت عن فرسي إلا لوقت صلاة، والصفان
(١) الرّبق - بالكسر حبل فيه عدّة عرا تشد به البهم. مختار الصحاح ٢٣١.