الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه #:

صفحة 102 - الجزء 2

  وكان في علم الكلام بحرا لا تقطعه الألواح، ولا يخوضه الملاح، وكان شيخه فيه الشيخ العالم النحرير أبو عبد الله البصري من المبرزين في علم الكلام، الضاربين فيه بأوفر السهام، فتخرج # معه حتى بلغ في الفن الغاية القصوى، وأدرك غاية المنى، وله قطع فيه يدل على تبحره وتوسعه، وكان الشيخ أبو عبد الله | كثير الاحتفاء به، والتعظيم لشأنه.

  قال السيد أبو طالب #(⁣١): وكان يحضر داره كثيرا ويبيت فيها ويلقنه المسائل، وربما يملي عليه التعاليق، ويكرر ما جرى له من الدرس، وكان يفعل هذا لأغراض. منها التبجح بأن يكون مثله من أصحابه، ويتخرج بتعليمه، وينسب إليه. ومنها الاستظهار بمكانه، والاعتصام بجنبته من قصد طبقات المخالفين له حتى لم يتمكنوا مع كثرتهم وإطباقهم على عداوته اعتقادا وحسدا من شيء مما كانوا يحاولونه من التأثير في أمره، وبقي على ذلك العز بعد خروجه ¥ من بغداد، فإنه لما قصد عند خروجه، وأغرى أبو الحسن ابن علي الطيب العلوي الموسوي - وهو رئيس أشراف بغداد - أهل الكرخ به حتى جاءوا إلى مسجده ورجموه، وهو قاعد يملي وأزعجوه عن مكانه، وعقد محضر بأن الصلاح في نفيه من بغداد، وبذلك أكثر من ببغداد من الموافقين والمخالفين شهادتهم فيه، فانتهي إلى معز الدولة حاله، وقيل له: إن أستاذ أبي عبد الله بن الداعي قد قصد وأوذي، فاستعظم ذلك غاية الاستعظام، وأنكره انكار مثله، وأمر برده إلى مجلسه على نهاية الإكرام، وأنفذ إليه أكابر الدولة تعظيما له.

  ومنها ما كان يختص به ذلك الشيخ من اعتقاد موالاة الأشراف ومودتهم ومحبتهم والميل إليهم، وإيثاره ان يكونوا كلهم مواظبين على العلم متقدمين فيه، حتى كان إذا ظفر بواحد منهم ووجده حريصا على العلم مطبوعا فيه يقدر أنه


(١) الإفادة ١٤٠.