بيعته # ونبذ من سيرته بعد البيعة ومدة ظهوره، وموضع قبره:
  الأعز لدينا أدام الله عزه بغبي فينبه، ولا بمشكل عليه أمر من أمور الدنيا والآخرة فيعلم، بل هو بحمد الله ممن يصلح أن يكون إلى الله داعيا لأوليائه ومعاونا، وبالحق قائلا على حسب قدرته ومكانه، مع جميل نيته وصحة اعتقاده، وبمثله تخف عنا المحن بتسببه إلى معاونتنا في كل فن، وقد علم أمرا اطرحه في عصرنا جل أهلنا، وتغافلت عنه أمة جدنا على مضض وتعب، مع علو سن وضعف بدن، فأعان الله بكرمه فما تزيدنا الأيام إلا شدة وعزا، ودرية وحرزا، حتى لو شاهدنا القاضي أيده الله لسر بنا، ولرآنا على خلاف ما عهد منا، لأنا عاشرنا عصابة لله مطيعين، وفي جهاد أعدائه مجدين، مع نجدة وكرم نفوس وديانة وخشية، قد هان عليهم تحمل عاجل كل أمر لرجاء ثواب الله الذي وعد جميع من جعل فيه صبرا، وأنا أرجوا من الله عزا شاملا، وأجرا بعد ذلك كاملا.
  وقد كتبنا على يد ولينا وأخينا المخلص أبي غانم الهمداني أكرمه الله تعالى ما القاضي أيده الله يقف عليه، وحملناه من خاص أمرنا ما يشافهه ليعلمه منه، وعلمنا بمعرفتنا به أنه لا يصل إلى بغيته لنا إلا بالقاضي أيده الله، فقصدناه بمكاتبتنا، وأمرنا أبا غانم أسعده الله بالنزول عليه والمشاهدة له والامتثال بأمره حسب الثقة به، لأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، والله يعينه ويوفقه، وهو حسبنا ونعم الوكيل. فإن رأى القاضي الجليل العزيز أطال الله بقاه أن يتفضل من ذلك بما هو إليه أهدى وبه أولى، وبمكاتبتنا بخبره وحاله ورأيه ومشورته، فإنا به واثقون وعلى قوله عاملون، ويمحضنا النصيحة من حيث هو، فإن الدين النصيحة، وإنا متى ورد كتابه علينا ووقفنا عليه عملنا به فعل(١) إن شاء الله، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته وعلى جميع أوليائنا قبله أفضل السلام والتحية، وصلى الله على سيدنا محمد أبي وآله الطيبين وسلم تسليما.
  وعنوان هذا الكتاب للقاضي أخينا محمد بن عبد الرحمن أطال الله بقاءه سعيدا، وأكرمه بطاعته مؤيدا رشيدا، من عبد الله المهدي لدين الله محمد بن
(١) في نسخة (فقل).