الإمام المنصور بالله القاسم بن علي @
  وثلاثمائة، وساروا حتى انتهوا إلى صعدة فانضاف إليهم جماعة من الناس، ثم ساروا حتى وصلوا إلى الإمام القاسم # وهو إذ ذاك في أسفل وادي بيشه، فلقيهم أولاده جعفر وعلي وسليمان $ بنو القاسم # في رؤساء خثعم وعربها، ثم قدموا على الإمام في حصن له، وكان قد شكى شكوى منعته عن اللقاء لهم، فقعد في موضعه وأقبل إليه خلق كثير من خثعم عند قدوم أهل اليمن، فأقاموا عنده # مدة أيام، ثم نهض بهم حتى وصل بالقرب من صعدة وأقام بها أياما، وهو يفرق عماله، ويقرر لهم الرسوم الشرعية(١).
  وكان من كتاب له إلى أهل نجران بعد حمد الله تعالى والثناء عليه، أما بعد: فإنه لا خطأ بعد تذكرة، ولا ذمامة بعد معذرة، وقد قبلت عذر من اعتذر، وتجاوزت عن خطيئة من قصّر، فتعوضوا من سيئاتكم إحسانا، ومن زللكم استمكانا، واعلموا أن من يرجع من سيئته كمن لم يسيء، ومن عاد في غيه نحس وغوى، وقد عرفتم جميعا أنه لا معذرة لمن عصى الله حتى يرجع عن معصيته، ولا توبة للتائب حتى يندم على خطيئته، وقد أظهرتم جميلا ثم شكرتم عليه، فحوطوا قولكم بالتمام، وأنفسكم بالإسلام، واعلموا أن الإسلام حرمة ترعى، وللديانة أوامر لا تعصى، ومن قصر عن بعض ما أمر الله به كمن أضاع جميع أمره ونهيه، والله يقول - وقوله الحق: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام: ٨٢](٢).
  ثم أقام بصعدة حتى كان نهوضه يوم الاثنين من شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، واستقرت أوامره النبوية في كثير من الأقطار اليمنية، ودخل صنعاء واستحكم أمره في مخاليفها، وانتشر في كثير من اليمن ودوخ كثيرا من الأعداء واستولى على بلادهم، مجريا لأحكام الله قائما بشريعة رسول الله
(١) سيرة الإمام المنصور بالله ١٩ - ٢١.
(٢) سيرة الإمام المنصور بالله ٢٧.