الإمام المنصور بالله القاسم بن علي @
  ÷، غير وان ولا مقصر، وكان يقود الجنود الكثيرة، فإن في الحكاية: أنه حدث عليه خلاف من بعض أهل نجران، فأمر إلى ولاته في صنعاء وأعمالها، فجمعوا الجنود الكثيرة منها ومن الخشب والبونين وغيرهما من بلاده(١).
  ثم نهض إلى نجران في عسكر ضخم بلغ عدد الخيل فيه ألف فارس سوى نيف وثلاثين فارسا، وعدد الرجال ثلاثة آلاف راجل ومائتين وأربعين راجلا، فلما استقروا في نجران دمروا أضداده وسلسوا قياده، وعاد # بجنده المنصور إلى صعدة مظفرا منصورا، ثم أمر بدراهم قد كانت حصلت معه من نجران، وضم إليها شيئا كان في صعدة من خراجها، فأمر بأن يقصّد ذلك على جميع العسكر، فحصل للفارس مائة درهم، وللراجل ثلاثون درهما، فقبض من ذلك بعض العسكر وكرهه الأكثر استقلالا له، فلما علم # بذلك خرج وجمع الناس له، فتكلم معهم بأن قال: يا جميع شيعتي وجنودي وأهل طاعتي قد دعوتكم فأجبتم، واستنصرتكم فنصرتم، وأنا كثير الشكر لكم، والثناء عليكم عند الله بدءا وعند كافة ولد آدم، ثم قال في آخره: أما ظنكم أني بخلت عليكم بشيء سوى ما أمرت بتقسيمه زادا لكم، فبالله وحق جدي رسول الله ÷ ما ذخرته عنكم، فاعذروا ابن نبيكم ولا تطلبوه ما لا يطيق فيحبط أجركم(٢).
  قال الراوي: فلقد رأيت أعين كثير ممن حضر تفيض بالدمع، ثم عاد # إلى منزله، وعادت جنوده وولاته إلى كل ناحية، ثم جرت الأمور على سنن الاستقامة، وخطب له في مخلاف نواحي جعفر وكحلان وما يليه، ولم يزل دأبه # إقامة قناة الدين وإخماد نار الملحدين، وكان إذا حضر معركة نازل أقرانها، وأنزل فرسانها، واثبا عند الصولة، راكدا عند الجولة، وازعا لأرباب الظلم، راعيا حرمة أهل العلم، كثير الوطأة واللين، معروفا بتقريب المساكين، دمث
(١) سيرة الإمام المنصور بالله ٣٣.
(٢) سيرة الإمام المنصور بالله ١٩٩ وما بعدها.