الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

الإمام المنصور بالله القاسم بن علي @

صفحة 118 - الجزء 2

  من عاداك، وساء ذلك من والاك، والزم الصبر فإن الصبر مفتاح الفرج وقل من صبر فلم يحصل حاجته، واستعمل عن كل ما تدعوك نفسك إليه الصبر، وأحذرك إدناء من ينقصك إدناءه، وتقلل من الناس ما استطعت، فإن مثل خيارهم كمثل الدر، ومثل شرارهم كمثل الصخر، فالدر خفيف محمله كثير منفعته، والصخر ثقيل محمله قليل نائله، وأحذرك الرغبة في الدنيا فإنها فضّاحة كشّافة، وليس تدرك لها غاية، وأحذرك أن تطلب حوائجك معا فيثقل عليك مطلبها، ويحزنك فوتها، واطلبها بددا فإن ذلك أحرى لنيلها، وأخف لتكلّفها لمن كلّفها. فهذا وجه فاعرفه ولا تغلط فيه، وهو الذي أخل بكل من دخل في مدخلك، فكن بمعزل عما يغنيك، ولست تحظى بشيء قد وصيتك به، إلا أن تتقي الله وتقوم بما حضّ عليه، ولا تذر اكتساب العلم والاقتداء بآثار العلماء والحكماء وهذا مفتاح الرزق والنجاة من غضب الخالق، وقد قال النبي ÷:

  «من عرف بالحكمة لاحظته العيون بالوقار» والسلام، والله يحفظك ويصلحك ويوفقك.

  ومن رسالة له # إلى أهل طبرستان روى الإمام المنصور بالله أبو محمد عبد الله بن حمزة # منها نكتا فنقلناها كما رواها، لأنّها لم تتفق لنا كاملة، قال فيها #: ، الحمد لله رب العالمين، وصلاته على محمد خاتم النبيئين وعلى آله الطيبين، إلى جماعة من آمن واتقى وصدق بالحسنى، ونهى النفس عن الهوى، وآثر الآخرة على الدنيا.

  أما بعد: يا شيعتنا الأخيار، وخلف الأبرار، فإنكم تريدون محلة دونها مهلكة مضلة، لا تجاز بغير دليل، ولا تعبير من الزاد بقليل، من سلكها بنفسه ضل، ومن ترك الزاد لها خذل، آل نبيكم أدلّاؤكم عليها، وأعمالكم الصالحة زادكم إليها، فلا تفرطوا رحمكم الله في الزاد والدليل قبل سلوكها، فكم سلكها قبلكم من المفرّطين فهلك، وكم رام الرجعة منها فمنع ذلك، والتسويف والرجاء