ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:
  مثلك، أيجوز لي أن أبيت وقد أشكلت عليّ مسألة، ويمكنني أن أجتهد في حلها؟
  فاعتذر إليه قاضي القضاة، وقال: إنما ذكرت هذا الكلام على الرسم الجاري من الناس وطيّب قلبه وعاد إلى منزله(١).
  وحكي أنه وقع بينه وبين قاضي القضاة وحشة واستزاره بسبب مسألة الإمامة، فتقاعد عن لقائه حدود شهر حتى ركب إليه قاضي القضاة، وقال له: قد بلغك حديث جدك الحسن بن عليّ وأخيه الحسين، وقول الحسين: لولا أن الله فضلك في السن عليّ حتى أن يكون السبق لك إلى كل مكرمة لسبقتك إلى فضل الاعتذار، فإذا قرأت كتابي هذا فاسبق إلى ما كتب الله لك من حق السبق والبس نعلك وقدم في العذر والصلح فضلك. فقال المؤيّد بالله: قد أطاع قاضي القضاة أيضا فضل سهمه وعلمه، وعمل بمقتضى ما زاده الله من سهمه، واعتنقا، وطالت الخلوة والسلوة بينهما، وكان الصاحب يقول: الناس يتشرفون بالعلم والشرف، والعلم والشرف يتشرف بقاضي القضاة، والشرف ازداد شرفا بالشريف أبي الحسين.
  وكان الصاحب يعظمه كل الإعظام، وكانت يمينه للسيد المؤيّد بالله، ويساره لقاضي القضاة، وكان لا يرفع فوق المؤيّد بالله أحدا إلى أن قدم العلويّ رسولا من خراسان، وكان محتشما عند السلطان ملك الترك الخاقان الأكبر مبجلا عنده، حتى إن الصاحب استقبله فلما دخل عليه أجلسه عن يمينه، فلما دخل المؤيّد بالله رآه على مكانه فتحير، فأشار إليه الصّاحب أن يرتفع إلى السرير الذي استند إليه الصاحب، فصعد المؤيّد بالله إلى السرير وجلس في الدست الذي عليه. وكان # يزور الصالحين، فبلغه عن رجل صلاحا في بعض قرى ديلمان، فمضى لزيارته في جماعة من أصحابه، فلقيه الرجل خارج موضعه
(١) سيرة الإمام المؤيد بالله ٩.