ذكر بيعته # ونبذ من سيرته ومبلغ عمره وموضع قبره #
  والليكاني(١) كله حجارة، فأقبل على العوام وقال: ألا ترون هذا العلم الأبيض الذي أقبل عليكم؟ أليس تريدون رفع دينكم؟ فمن رمى منكم بحجر فهذا ختمي له بصيانة داره عن التورد والنزول، وعرف أن هذا من أهم شيء عند الطبرية، فجعل يختم لهم على الشموع ويغويهم ويغريهم بهم، فأخذت الطبرية في الرمي وكسروا الأتراس فوقعت الهزيمة العظيمة في رجال المؤيّد بالله حتى بقي وحده بلا راية ونهب بيت ماله، فقال ¥ لبعض نقبائه: ما الرأي؟ فقال النقيب: انج بنفسك، فقد هربت العساكر، فقال له: انظر في مقدمة عسكرنا، فقال: ليس هناك إلا الكيّا أبي الفضل الثائر وشير أسفار فقال: لا سبيل إلى الرجوع فإن أبا الفضل معدود لخمس مائة رجل وشير أسفار كذلك، فكيف أولي وبين يدي ألف، فقال: لا رجالة معهما وهما أيضا ينصرفان، فلما انصرف الكيّا أبو الفضل، فقال له: اخرج في دعة الله لأصونك ولأصحبك، فقال: إذا كان هنا شير أسفار فلا يحل التولي، فعاد أيضا شير أسفار منهزما يقول: أخرج باكيا فمضى باكيا، يقول: أي موضع أولى بالاستشهاد من هذا الموضع؟ فلولا أني أخاف ألا أقتل على المكان، وأوسر وأحمل إلى قابوس: وهو اللعين سيّئ الاعتقاد فيسلك معي مسلك الانتقام فيمثل بي ويعذبني بأنواع العذاب، وإلّا لم أخرج من هذا المكان، فقالا له: ولأن تعود سالما أحب إلينا من أن تستشهد هاهنا، فركض وركضوا أفراسهم يحفظونه ويحمونه، فحصل تلك الليلة بساحل البحر على شط نهر، ولحق به جماعة من المنهزمين وقد تعبوا وجاعوا ومنهم جرحى فقال المؤيّد بالله: هل فيكم من يقرضنا دينارا؟ فأقرضه رجل كان معه دينار، فبعث بعض الحاضرين إلى قرية بقربه وقال: اطلب شيئا من الحلال تشتريه بهذا لهؤلاء الجياع، فذهب الرجل واشترى من فيشكاة القرية شاة مسلوخة وشيئا من السمن
(١) في سيرة الإمام المؤيد بالله: والليكاني.