الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر نكت من كلامه #:

صفحة 147 - الجزء 2

  من بوادر الفتنة، وملكهم أزمة قلوبهم، ووقاهم شح نفوسهم، وآنسهم برياض تنزيله، وفهّمهم غوامض تأويله، وجعل لهممهم مطالع في ملكوته، ولضمائرهم مراتع في عظمته وجبروته، حتى عزفت نفوسهم عن أكثر ما لهج الخلق به من الشهوات، وثبتت أقدامهم حيث دحضت أقدام كثير من ذوي⁣(⁣١) الخطيئات {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ}⁣[إبراهيم: ٢٧]. والحمد لله الذي جعل التوبة للمذنبين المسرفين على أنفسهم وسيلة ينالون بها متى أخلصوها كل فضيلة، فقال الله تعالى: {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} إلى قوله: {وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ}⁣[الزمر: ٥٣ - ٥٥]، وبلغنا أن الله تعالى أوحى إلى نبيه داود #، أن أنذر الصديقين وبشر المذنبين، فقال: يا رب كيف أنذر الصديقين وأبشر المذنبين؟ فقال ø: بشر المذنبين أني أقبل التوبة، وأنذر الصديقين لئلا يغتروا بأعمالهم، أو ما يرجع إلى هذا المعنى من اللفظ أو يقرب منه. وصلى الله على نبيه المبعوث نبي الرحمة المبعوث إلى كافة الأمة بالرأفة والرحمة محمد وآله، ثم قال قدس الله روحه في باب ما يستعان به على التوبة [٢٢]:

  اعلم علّمك الله الخير أن من أراد أن يحصل⁣(⁣٢) لنفسه منزلة التائبين، فيجب أن يملأ قلبه خوفا وخشية، لأن التوبة لا تكاد تتم، وإن تمت لم تصف ولم تدم ما لم يصحبها الخوف والخشية، ثم قال بعد ذلك:

  واعلم أن الخوف للتوبة بمنزلة الأساس للأبنية، فكما أن الأبنية إذا لم تكن


(١) في (ب) من أهل الخطيئات.

(٢) في (أ): يجعل.