الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر نكت من كلامه #:

صفحة 163 - الجزء 2

  يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}⁣[القصص: ٨٣].

  أيها الناس مهما اشتبه عليكم فلا يشتبه عليكم أمري، أنا الذي عرفتموني صغيرا وكبيرا، ورحمتموني طفلا وناشئا وكهلا. قد صحبت النّسّاك حتى نسبت إليهم، وخالطت العباد⁣(⁣١) حتى عرفت فيهم، وكاثرت العلماء وحاضرت الفقهاء، فلم أخل عن مورد ورده عالم بارع، ومشرع شرع فيه متقن فارع، وجادلت الخصوم نضحا عن الدين، ونضالا عن الحقّ المبين، حتى عرفت مواقعي، وكتبت وحفظت طرائقي وأثبتت، هذا وما أبرئ نفسي في أثناء هذه الأحوال ومجامع هذه الخصال من تقصير وتعذير، ولا أزكيها بل أتبرأ إلى الله من حولها وقوتها، وإن جميع ذلك من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر. ومن شكر فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر فإن ربي غني كريم.

  وأما نسبتي إلى جدي رسول الله ÷ فدونه فلق الصباح، ولا عذر لكم أيها الناس في التأخر عني والاستبداد دوني، وقد ناديت فأسمعت، لتجيبوا دعوتي، وتتحروا لنصرتي، وتعينوني على ما نهضت له من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ}⁣[المائدة: ٧٨] {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}⁣[آل عمران: ١١٠].

  ألا فأعينوني على أمري، وتحروا بجهدكم نصرتي، أوردكم خير الموارد، وأبلغكم أفضل المحامد. عباد الله، أعينوني على إصلاح البلاد، وإرشاد العباد، وحسم دواعي الفساد، وعمارة مناهل السداد. ألا ومن تخلف عني وأهمل بيعتي - إلا لسبب قاطع أو لعذر مانع بيّن الحجة - فإني أجاثيه للخصام يوم يقوم


(١) في (أ): الزهاد.